سؤاله لهم عن ذلك، ولا يحتمل أن يأمره بالسؤال ثم لا يسأل، أو يسأل هو ولا يخبرونه - فدل أنه على البيان خرج لا على الأمر.
والثاني: على أمر سبق؛ كقوله - تعالى -: (قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ)، وكقوله: (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ. . .)، إلى قوله: (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ)، وقوله: (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، ونحوه، كان على أمر سبق، فسخرهم - عَزَّ وَجَلَّ - حتى قالوا: اللَّه؛ كقوله: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ) ذلك تسخير منه إياهم حتى قالوا: اللَّه.
وفي حرف ابن مسعود، وأبي بن كعب - رضي اللَّه عنهما - (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ) هذا يدل على أنه كان على أمر سبق.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) أي: سلهم، فإن أجابوك فقالوا: لله، وإلا فقل لهم أنت: لله.
وقال قائلون: فإن سألوك لمن ما في السماوات والأرض؟ قل لله.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ).
قال الحسن: كتب على نفسه الرحمة للتوابين إن شاء أن يدخلهم الجنة، لا أحد يدخل الجنة بعمله، إنما يدخلون الجنة برحمته، وعلى ذلك جاء الخبر عن نبي اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " لا يدخل أحد الجنة بعمله " قيل: ولا أنت يا رسول اللَّه؟ قال: " ولا أنا إلا أن يتغمدني اللَّه برحمته ".
وقيل: كتب على نفسه الرحمة أن يجمعهم إلى يوم القيامة، أي: من رحمته أن يجمعهم إلى يوم القيامة، حيث جعل للعدو عذابًا، وللولي ثوابًا، أي: من رحمته أن يجمعهم جميعًا، يعاقب العدو ويثيب الولي.
وقيل: أي: من رحمته أن جعل لهم الجمع، فأوعد العاصي العذاب، ووعد