ألوهيته؟!
وقيل: يراد بأخذ السمع والبصر وما ذكر: أخذ أعينها وأنفسها، أي: لو أخذ اللَّه سمعكم وبصركم وعقولكم، لا يملك ما تعبدون رد هذه الأشياء إلى ما كانوا عليه: لا يملكون رد السمع إلى ما كان، ولا رد البصر والعقل الذي كان إلى ما كان، فكيف تعبدون دونه وتشركون في ألوهيته؟! يُسفّهُ أحلامهم لما يعلمون أن ما يعبدون ويجعلون لهم الألوهية لا يملكون نفعًا ولا ضرًّا، فمع ما يعرفون ذلك منهم يجعلونهم آلهة معه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ).
أي: نبين لهم الآيات في خطئهم في عبادة هَؤُلَاءِ، وإشراكهم في ألوهيته.
(ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ).
أي: يعرضون عن تلك الآيات.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (٤٧)
معناه - واللَّه أعلم -: أنهم يعلمون أن العذاب لا يأتي ولا يأخذ إلا الظالم، ثم مع علمهم أنهم ظلمة؛ لعبادتهم غير اللَّه، مع علمهم أنهم لا يملكون نفعًا ولا ضرًا يسألون العذاب كقوله: (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ).
وقوله: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ).
وقوله: (عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ... (٤٨) أخبر أنه لم يرسل الرسل إلا مع بشارة لأهل الطاعة، ونذارة لأهل معصيته، وفيه أن الرسل ليس إليهم الأمر والنهي، إنما إليهم إبلاغ الأمر والنهي.
ثم بين البشارة فقال: (فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
(فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ): لما ليس لذلك فوت ولا زوال، ليس نعيمها كثواب الدنيا