وأنه على شرف الفوت والزوال.
(وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ): لأنه سرور لا يشوبه حزن، ليس كسرور الدنيا يكون مشويًا بالحزن والخوف.
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٤٩) هذه هي النذارة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ).
ذكر المس - واللَّه أعلم - لما لا يفارقهم العذاب، ولا يزول عنهم.
والفسق في هذا الموضع: الكفر، والشرك، وما ذكر من الظلم هو ظلم شرك وكفر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ ... (٥٠)
لم يحتمل ما قال ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حيث قال: إنهم قالوا لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لم ينزل اللَّه عليك كنزًا تستغني به؛ فإنك محتاج، ولا جعل لك جنة تأكل منها فتشبع من الطعام؛ فإنك تجوع، فنزل عند ذلك هذا. لا يحتمل أن يقولوا له ذلك، فيقول لهم: إني لا أقول لكم إني ملك، وليس عندي خزائن اللَّه ولا أعلم الغيب، فإن كان من السؤال شيء من ذلك، فإنما يكون على سؤال سألوا لأنفسهم؛ كقوله:
(وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (٩١)،
ونحو ذلك من الأسئلة التي سألوا لأنفسهم، فنزل عند ذلك ما ذكر، فهذا لعمري يحتمل، فيقول لهم: إنه ليس عندي خزائن اللَّه فاجعل لكم هذا، ولا أعلم الغيب؛ ولا أقول لكم: (إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ).
والثاني: جائز أن يكون النبي - عليه السلام - أوعدهم بالعذاب وخوفهم، فسألوا العذاب استهزاء وتكذييًا، فقالوا: متى يكون؟! كقوله: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)، فقال عند ذلك: (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ) ومفاتيحه، أُنْزِلُ عليكم العذاب متى شئت، (وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) ومتى وقت نزول العذاب عليكم، (وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) نزلت من السماء بالعذاب، إنما أنا رسول، بشر مثلكم، ما أتبع إلا