ما يوحى إليَّ، هذا محتمل جائز أن يكون على أثر ذلك نزل.
ويحتمل وجهًا آخر وهو: أنه يخبر ابتداء في: (لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ)؛ لأني لو قلت: عندي خزائن اللَّه، وأنا أعلم الغيب، وإني ملك - كان ذلك أشد اتباعًا لي وأرغب وأكثر لطاعتي، لكن أقول: إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ ما أتبع إلا ما يوحى إليَّ، لتعلموا أني صادق في قولي، ومحق فيما أدعوكم إليه.
* * *
قوله تعالى: (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (٥٠) وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٥١) وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (٥٢) وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (٥٣)
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ).
يعلم بالإحاطة أن هذا ونحوه خرج على الجواب لأسئلة كانت منهم لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لكن لسنا نعلم ما كانت تلك الأسئلة التي كانت من أُولَئِكَ، حتى كان هذا جوابًا لهم، فلا نفسر، ولكن نقف؛ مخافة الشهادة على الله.
ويحتمل: أن يكون جوابًا لما ذكر في آية أخرى، وهو قولهم: (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ)، فقال عند ذلك: (لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ)، وقال: (وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) جوابًا لسؤال عن وقت الساعة، أو وقت نزول العذاب.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) جواب لقولهم: (أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ) فقال عند ذلك: لا أقول: إني أعلم الغيب؛ حتى أعلم وقت نزول العذاب