وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ).
أي: حكيم بما حكم ووضع كل شيء موضعه، عليم بذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٢٩)
الآية تنقض على المعتزلة قولهم؛ لأن الولاية إنما تكون بأفعالهم ثم أضاف الولاية إلى نفسه دل أنه من اللَّه في ذلك صنع، وهو أن خلق سبب الولاية، منهم، ثم ذكر أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض بقوله: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)، وذكر أن الكافرين بعضهم أولياء بعض بقوله: (لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ... (١٣٠)
اختلف فيه: قَالَ بَعْضُهُمْ: لم يكن من الجن رسل إنما كان الرسل من الإنس، لكنه أضاف إلى الفريقين جميعًا؛ كقوله: (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ)، وإنما يخرج من أحدهما، وكقوله: (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا): وإنما جعل في واحدة منهن، وكقول الناس: في سبع قبائل مسجد واحد: وإنما يكون في واحد منها، وقد يضاف الشيء إلى جماعة والمراد منه واحد؛ فعلى ذلك ما ذكر من إضافة الرسل إلى الإنس والجن.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: كان من الفريقين جميعًا: الرسول من الجن جني، ومن الإنس إنسي؛ لأن الجن يسترون من الإنس، فإنما يرسل إلى الإنس رسلا يظهرون لهم؛ فبعث إلى كل فريق الرسول من جوهرهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: كان الرسل من الإنس إلى الفريقين جميعًا، وكان من الجن نذير؛ كقوله: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ. . .) الآية. ذكر النذر منهم