وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ).
لأنه غني بذاته لم يخلقكم لمنافع نفسه أو لحاجته، إن شاء أذهبكم واستخلف غيركم، ولو كان خلقه الخلق لمنافع نفسه لكان لا يذهب بهم ويستخلف من بعدهم ما يشاء.
(كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ).
يخبر عن غناه عنهم، وعن سلطانه، وقدرته أنه يقدر على إهلاككم واستئصالكم وإنشاء قوم آخرين.
كأن خلق الخلائق من جواهر مختلفة لا توالد فيهم، ثئم جعل في الآخر التوالد والتناسل ويستخلف بعض من بعض بالتوالد والتناسل.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ ... (١٣٤)
من الوعد والوعيد.
أو أن يكون قوله: (إِنَّ مَا تُوعَدُونَ): من النصر لرسوله والمعونة له لآت وكائن.
(وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ).
قيل: بفائتين ربكم.
وقيل: وما أنتم سابقين اللَّه بأعمالكم الخبيثة حتى لا يجزيكم اللَّه بها. وأصله: (وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ)، أي: لا تعجزون ربكم عن تعذيبكم وعقوبتكم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ ... (١٣٥)
قيل: على جديتكم.
وقيل: على منازلكم وجدتكم.
ولكن تأويله - واللَّه أعلم -: (عَلَى مَكَانَتِكُمْ) أي: ما أنتم عليه، ثم يحتمل هذا وجوهًا:
يحتمل (عَلَى مَكَانَتِكُمْ)، أي: على ما أنتم عليه من أمر الدِّين، (إِنِّي عَامِلٌ): على ما أنا عليه من أمر الدِّين؛ كقوله: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ).