الخوف أبدًا؛ ألا ترى أنه قال: (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ) والبحار مما تميد بأهلها.
ْوأمكن أن يكون الأمر بالهبوط منها أمرًا بالخروج من الصورة التي كان فيها إلى صورة أخرى لا يعرف أبدًا ولا يرى عقوبة له لتركه أمر اللَّه وارتكابه نهيه (فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا) في تلك الصورة أو في تلك الأرض؛ حتى لا يقر أبدًا، ويكون على خوف أبدًا.
ويحتمل في السماء؛ لما ذكرنا.
وقوله عَزَّ وَجَلَّ: (فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) وجه صغاره: أنه ما من أحد ذكره إلا وقد لعنه، ودعا عليه باللعن، فذلك صغاره، وأمكن أن يكون صغاره؛ لما صيره بحال يغيب عن الأبصار، ولا يقع عليه البصر، أو لما طرده عن رحمة اللَّه.
* * *
قوله تعالى: (قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (١٥) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧)
وقوله عَزَّ وَجَلَّ: (أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
اختلف فيه:
قَالَ بَعْضُهُمْ: أنظره إلى النفخة الأولى؛ لئلا يذوق الموت؛ فيصل حياة الدنيا بحياة الآخرة، وهو ما ذكر في آية أخرى: (فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٣٧) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) وقَالَ بَعْضُهُمْ: أنظره إلى يوم البعث.
وظاهر ما خرج من الخطاب أن يكون أنظره إلى يوم البعث؛ لأنه سأل ربه أن ينظره إلى يوم البعث حيث، قال: (أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، فقال: (إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) خرج ذلك جوابًا لسؤاله، وما ذكر من الوقت المعلوم.
وفي آية أخرى يجيء أن يكون هو ذلك اليوم.
وقال غيره: أنظره ولم يبين له ذلك الوقت الذي أنظره إلى ذلك الوقت؛ حتى يكون أبدًا على خوف ووجل؛ ألا ترى أنه قال: (فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي