خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢٥) وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ... (٢٤)
قَالَ بَعْضُهُمْ: هذه الآية صلة قوله: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ)، يقول - واللَّه أعلم -: أجيبوا لله وللرسول إلى ما يدعوكم، وإن كانت أنفسكم تكره الخروج لذلك؛ لقلة عددكم، وضعف أبدانكم، وكثرة عدد العدو وقوتهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ).
بالذكر، والشرف والثناء الحسن في الدنيا، والحياة في الآخرة اللذيذة الدائمة، وإن متم وهلكتم فيما يدعوكم إليه، يكون لكم في الآخرة حياة الأبد.
ويحتمل أن تكون الآية في جملة المؤمنين، أي: استجيبوا لله في أوامره ونواهيه، وللرسول فيما يدعوكم إليه، وإنَّمَا كان يدعو إلى دار الآخرة؛ كقوله - تعالى -: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ)، ودار الآخرة هي دار الحياة؛ كقوله: (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)؛ كأنه قال - واللَّه أعلم -: أجيبوا لله وللرسول، فإنه إنما دعاكم إلى ما تحبون فيها، ليس كالكافر الذي لا يموت فيها، ولا يحيا بتركه الإجابة.
(وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ).
يخرج على وجهين:
يحول بين قلب المؤمن وبين الكفر.
ويحول بين الكافر والإيمان.
وقوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ).
أمكن أن يخرج هذا على الأول، أي: اعلموا أن اللَّه يحول بين المرء وقلبه، يجعل القوي ضعيفًا، والعزيز ذليلًا، والضعيف قويًا، والذليل عزيزًا، والشجاع جبانًا، والخائف آمنًا، والآمن خائفًا، فأجيبوا للرسول بالخروج للجهاد، وإن كنتم تخافون لضعفكم