٢ - منهج التفسير بالرأي
بعد أن تحدثنا عن منهج تفسير القرآن الكريم بالمأثور وضوابطه، ننتقل إلى منهج تفسير القرآن الكريم بالرأي (الاجتهاد) أو التفسير بالمعقول.
وقد عرف الدكتور الذهبي التفسير بالرأي فقال: يطلق الرأي على الاعتقاد، وعلى الاجتهاد، وعلى القياس، ومنه أصحاب الرأي، أي: أصحاب القياس.
والمراد بالرأي هنا الاجتهاد، وعليه فالتفسير بالرأي: عبارة عن تفسير القرآن بالاجتهاد بعد معرفة المفسر لكلام العرب ومناحيهم في القول، ومعرفته للألفاظ العربية ووجوه دلالتها، واستعانته في ذلك بالشعر الجاهلي ووقوفه على أسباب النزول، ومعرفته بالناسخ والمنسوخ من آيات القرآن، وغير ذلك من الأدوات التي يحتاج إليها المفسر.
والناظر في هذا التعريف يجده -على حد قول المناطقة- غير جامع، وغير مانع؛ ذلك أن التفسير بالرأي أوسع دائرة مما ذكر الدكتور الذهبي؛ إذ هو قسمان: محمود ومذموم، وهو ذكر المحمود دون المذموم.
ومن ثم فإن تعريف التفسير بالرأي هو تفسير القرآن الكريم بمطلق الاجتهاد، سواء توافر لهذا الاجتهاد شرطه أم لا، أو أن يكون مصحوبا بحسن قصد أم لا، إلى آخر ما هنالك من الاحتمالات التي تعتور الاجتهاد.
موقف العلماء من التفسير بالرأي:
اتفق العلماء المخلصون على أن تفسير القرآن بالرأي المذموم ممتنع وحرام، بل كفر صريح إن تعمد فاعله سوء القصد؛ لأنه كذب متعمد على اللَّه تعالى وحكم عليه بما يعلم صاحبه أنه خلاف مراده تعالى، ولا نحسب أن أحدًا من أهل الإسلام يمكن أن يمتري في هذه القضية.
وإنما وقع الخلاف بين العلماء في أنه: هل كل تفسير للقرآن بالرأي يعتبر مذمومًا، وإن بلغ صاحبه من حسن القصد ورسوخ القدم في الاجتهاد وعلو المرتبة في العلم ما بلغ، أو أن بعض ذلك محمود وبعضه مذموم؟
ذكر الدكتور الذهبي الخلاف فقال: اختلف العلماء من قديم الزمان في جواز تفسير