كما شق عصا الطاعة نصر بن شبث الذي كان يتعصب للأمين؛ فبعث له المأمون من يقاتله، واستمرت المناوشات بينهم خمس سنين، طلب بعدها نصر الأمان.
كما ثار المصريون، فبعث لهم عبد اللَّه بن طاهر؛ لإخماد الثورة، فاستولى على الفسطاط، وأقر الأمن، وأصلح البلاد.
ومن أخطر الأحداث التي ظهرت في عهد المأمون فتنة القول بخلق القرآن، فقد أمر بامتحان القضاة والمحدثين في الولآيات، وابْتُليَ الإمام أحمد بن حنبل فيها ابتلاء شديدًا.
ولما تولى المعتصم وقعت في عهده أحداث كثيرة، ففي عهده أغار الزط على الدولة العباسية، واستولوا على طريق البصرة، فحالوا دون وصول المئونة والأقوات إلى بغداد، فقاتلهم وأرغمهم على طلب الأمان، وكثر في عهده الترك وازداد نفوذهم.
وقد أغار الروم على بلاد الإسلام، فاستغاث الناس بالمعتصم، وكان ذلك في سنة ٢٢٣ هـ؛ فسير إليهم المعتصم جيشًا، وخرج على رأسه، فحارب الروم وهزمهم، وفتح حصونا كثيرة، وفتح عمورية.
وفي هذا يقول الشاعر العباسي أبو تمام:
يا يوم وقعة عمورية انصرفت ... منك المنى حفلاً معسولة الحلب
أبقيت جدَّ بني الإسلام في صعد ... والمشركين ودار الشرك في صبب
وقبلَ وفاة المعتصم: خرج المبرقع اليماني الذي أشعل نار الفتنة بـ " فلسطين "، فأرسل إليه المعتصم رجاء بن أيوب، فلم يقدر على المبرقع الذي تجمع حوله الفلاحون، فانتظر حتى ذهب عنه الفلاحون إلى زراعتهم، وبقي المبرقع في نفر قليل، فأغار عليه رجاء وأنزل به الهزيمة هو ومن معه.
وتوفي المعتصم وتولى الواثق باللَّه سنة ٢٢٧ هـ، وسار الواثق على سيرة أبيه المعتصم، فاعتمد على الأتراك الذين شغلوا أعلى المناصب في كل ولايات الدولة.