ولم يمكث الواثق في الخلافة كثيرًا فقد توفي سنة ٢٣٢ هـ، وتولى بعده المتوكل.
الخلافة العباسية مذ وليها المتوكل حتى سيطرة البويهيين عليها، أهم الأحداث السياسية:
غدا مقررًا بين المؤرخين أن عهد الخليفة المتوكل العباسي يعتبر بدء عصر انحلال الخلافة العباسية الذي انتهى بسقوطها تحت أقدام التتار سنة ٦٥٦ هـ.
ويسيرٌ على الباحث الوقوف على علة هذا الضعف المطبق الذي اتسم به تاريخ الخلافة العباسية مذ وليها المتوكل الذي كانت ولايته حدًّا يفرق بين عهدين من زمانها، كان الأول منهما عهد ازدهار واستقرار وقوة بينما كان الثاني على النقيض من ذلك.
وهذه العلة إنما هي اعتماد العباسيين على الفرس ثم على الأتراك وإيثارهم إياهم بالمناصب المدنية والعسكرية على العرب الذين كانوا مادة الإسلام وقوام الدولة الإسلامية فضعفت عصبتهم وانحطت منزلتهم وانصرفت قلوبهم عن تأييد الدولة.
وكان اعتماد العباسيين على العنصر التركي منذ عهد المعتصم (٢١٨ - ٢٢٧ هـ) إرهاصًا ببدء عصر جديد في تاريخ الدولة العباسية محرف بعصر نفوذ الأتراك يبدأ بولاية المتوكل وينتهي بدخول البويهيين بغداد (٢٣٢ - ٣٣٤ هـ).
وقد استبد الأتراك بمقاليد الأمور وتغلغل نفوذهم في الدولة بحيث أصبح الخليفة العباسي " مسلوب السلطة مهيض الجانب ضعيف الإرادة ".
ولم يتورع الأتراك عن قتل الخلفاء العباسيين الذين وقفوا ضد أطماعهم واستبدادهم فدبروا مؤامرة لاغتيال الخليفة المتوكل " ٢٤٧ هـ " اشترك فيها ابنه المنتصر الذي طوعت له نفسه قتل أبيه، فذاق وبال أمره، فلم يمكث في الخلافة ستة أشهر إلا وقد أغرى الأتراك طبيبه ابن طيفور بقتله وأعطوه ثلاثين ألف دينار، ففصده بريشة مسمومة سنة ٢٤٨ هـ.