تنورك فاركب، قالوا: كان الماء ينزل من السماء وينبع من الأرض؛ كقوله: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (١١) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا)، لكن جعل علامة وقت ركوبه السفينة هو خروج الماء من الأرض ونبعه منها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ): يحتمل هذا وجهين: يحتمل إن كنا قلنا له إذا فار التنور: احمل فيها من كل زوجين اثنين.
ويحتمل: إن قلنا له وقت فور الماء من التنور: احمل فيها من كل زوجين اثنين.
ويحتمل وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ): الزوج هو اسم فرد لذي شفع ليس هو اسم افمفع حتى يقال عند الاجتماع ذلك، ولكن ما ذكرنا أنه اسم فرد لذي شفع كان الإناث صنفا وزوجا والذكور صنفًا وزوجا، فيكون الذكر والأنثى زوجين، واللَّه أعلم.
وقوله: (زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) أي: من ذكر وأنثى ثم يحتمل زوجين من ذوي الأرواح التي تكون لهم النسل؛ لئلا ينقطع نسلهم.
ويحتمل ذوي الأرواح وغيره، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ): قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَأَهْلَكَ) أراد أهله والذين آمنوا معه، يقول: احمل فيها من كل زوجين اثنين، واحمل أهلك أيضًا إلا من قد سبق عليه القول، أي: إلا من كان في علم اللَّه أنه لا يؤمن، أو إلا من كان في علم اللَّه أنه يهلك.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَأَهْلَكَ) أراد أهله خاصة، ثم استثنى من سبق عليه القول، وهو ابنه وزوجته وهما من أهله، ألا ترى أنه ذكر من بعد من آمن معه وهو قوله: (وَمَن آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ) أي: احمل أهلك الذين آمنوا معك إلا من سبق عليه القول من أهلك وغيره أنه في الهالكين.
أو يقول: إلا من سبق عليه القول أنه لا يؤمن، فهذا يدل أن في أهله من كان ظالمًا كافرا حيث استثني من أهله، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ): يذكر هذا - واللَّه أعلم - تذكيرًا لرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مننه ونعمه التي أنعمها عليه؛ لأن نوحًا مع طول مكثه بين أظهر قومه وكثرة دعائه قومه إلى دين اللَّه ومواعظه لم يؤمن من قومه إلا القليل منهم؛ ورسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مع