لكن كله يرجع إلى معنى واحد؛ لأنه إذا ثبت العداوة، ثبت المخالفة والبغض والضرر، فكل ما ذكروا فهو واحد.
وأصل الجرم: الإثم والذنب.
ثم يخرج إنذاره إياهم بمن هلك من الأمم على وجهين:
أحدهما: أن قوم شعيب قوم لا يؤمنون بالبعث وبالقيامة، فأنذرهم بمن هلك من الأمم السالفة؛ لأنه لو كان ينذرهم بالبعث، لكان لا ينجح فيهم؛ لأنهم لا يؤمنون به.
والثاني: أنذرهم بأُولَئِكَ؛ لأنهم كانوا يقلدون آباءهم في عبادة الأوثان، ويتبعونهم، فيقول: إنكم تقلدون آباءكم وتتبعونهم في عبادة الأوثان فاتبعوهم -أيضًا- فيما بلغوا إليكم من هلاك أُولَئِكَ بعبادتهم الأوثان، وتكذيبهم الرسل، فإذا قلدتموهم في العبادة فهلا تقلدونهم وتتبعونهم فيما أصابهم بم أصابهم؟
أو يقول لهم: إنكم تقلدون آباءكم الذين عبدوا الأوثان وقد هلكوا، فهلا تقلدون من لم يعبد منهم ونجا وقد أعرفتم أن من هلك منهم بم هلك؟ ومن نجا منهم بم نجا؟ واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) أي: إن نسيتم من مضى منهم، فلا تنسوا ما نزل بقوم لوط، وليسوا هم ببعيد منكم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (٩٠) أي: اطلبوا من ربكم المغفرة؛ أي: اطلبوا السبب الذي يقع لكم المغفرة من ربكم، وهو التوحيد (ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) أي: ارجعوا إليه، ولا تعودوا إلى ما كنتم من قبل.