أي: الباقون، يفنى الخلقُ كله؛ فيبقى هو، ولذلك سمي من خلف الميت وارثًا؛ لأنه يموت ويبقى الوارث؛ وهو باقٍ وكذلك يخرج قوله: (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا)، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤)
قَالَ بَعْضُهُمْ: ولقد علمنا المستقدمين من المكذبين منكم؛ ما حل بهم بالتكذيب، وقد علمنا المستأخرين من المكذبين منكم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: ولقد علمنا من كان منهم ومات، وقد علمنا المستأخرين: من يكون منهم ويولد؛ ولذلك قال: (وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ): من مضى ومن بقي لم يكن بعد؛ إلى يوم القيامة.
وقال الحسن: (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ) وفي الخير (الْمُسْتَأْخِرِينَ) في الشّر.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: في القرن الأول والآخر، لكنه بعيد.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥)
الحكيم: هو الذي يضع الأشياء مواضعها.
والثاني: هو الذي يجعل الأشياء مواضعها، فالأول قد يعرف الخلق وضع الأشياء مواضعها، وأما الثاني: فلا يكون ذلك إلا باللَّه.
وقوله: (عَلِيمٌ): عليم بمصالح الخلق، ومالهم وما عليهم. أو عليم بوضع الأشياء مواضعها.
* * *
قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٦) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (٢٧) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (٢٨) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٢٩) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٣٠) إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣١) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (٣٢) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ