وقوله: (إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) على التأويل الأول: ما ذكرنا، أي: ما نعطيه إلا بقدر معلوم؛ وإن خزنه وحبسه. ويحتمل: (إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) أي: بقدر سابق معلوم، ذلك إن كان على هذا - فإنه يدل على أن ما يكون ويحدث - إنما يكون لقدر سابق؛ لا يكون غير ما سبق تقديره.
أو (بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) محدود؛ أي: ليس ينزل جزافًا، ولكن معلومًا محدودًا. والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (٢٢)
قَالَ بَعْضُهُمْ: (لَوَاقِحَ): حوامل.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هذا لا يصح، لو كان على هذا - لكان ملاقح وملقحات.
وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: (لَوَاقِحَ) تلقح الشجر: أي: تنبت ورقها وهي ملقحة، وقال: يقال: ناقة لاقح: أي: حامل قد حملت، ونوق لواقح، ويقال: حرب لاقح: أي: شديدة، وسحاب لاقح: الذي فيه ماء - أي: مطر - وريح لاقح: أي: ملقح تلقح الشجر؛ أي: تنبت ورقه وحمله، ويقال: ملقح، ويقال: ألقح الرجل إذا لقحت إبله؛ أي: حملت، ورجل ملقح، واللقوح: الناقة التي معها ولد صغير، والجمع: لقاح، وجمع الجمع: لقائح، واللقح: اللواقح؛ وهي الحوامل من الإبل.
قَالَ الْقُتَبِيُّ: قال أبو عبيدة: (لَوَاقِحَ): إنما هي ملاقح؛ جمع ملقحة، يريد أنها تلقح الشجر، وتلقح السحاب؛ كأنها تنتجه، واللواقح: المنتجة الثمار من الأشجار، والسحاب، وغيره. واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ).
هو ما ذكرنا على التأويل في قوله: (فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ)، وعلى تأويل الحسن: هو ما ذكر من الماء والمطر.
(وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ): أي: حابسين لما جرى به الذكر؛ من المطر والماء؛ الذي ذكر أنه أنزل من السماء. ويحتمل (وَمَا أَنْتُمْ لَهُ) أي: لله (بِخَازِنِينَ): أي: ليست خزائنه في أيديكم؛ ولا بيد أحد، ولكن بيد اللَّه، عَزَّ وَجَلَّ.
وعلى تأويل الآخر: (وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ): بمدبرين ما خزن في الأرض ودفن.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (٢٣)