قال بعض أهل التأويل: مشاركته في الأموال: هي أن يجعلوا له البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي؛ على ما كانوا يفعلونه.
وأمَّا الأولاد: فإنهم هودوهم ونصروهم، ومجَّسوهم، وهو قول قتادة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: مشاركته في الأموال: هي أن يكتسبوها من خبيث وحرام، وينفقونها في مثله وفيما لا يحل.
وأمَّا الأولاد: ما ولدوا من الزنا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: الأموال: ما كانوا يذبحون لآلهتهم، ويجعلون لها من الحرث والأنعام.
والأولاد: ما ولدوا من الزنا.
وجائز أن يكون هذا صلة ما تقدم من قوله: (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ. . .)، إلى آخر ما ذكر؛ حتى تشاركهم في الأموال والأولاد.
ثم معنى المشاركة له - فيما ذكر، واللَّه أعلم - هو أن هذه الأموال والأولاد لله - تعالى - حقيقة؛ لما هو أنشأها وخلقها؛ فحقيقة الملك له بما ذكرنا، وظاهر الانتفاع لعبيده؛ إذ هذا كله لله بحق المحنة يمتحنهم وحق الانتفاع لهم؛ إذ لا يجوز أن يخلق اللَّه شيئًا لمنفعة نفسه، ولكن يخلق لمنافع أنفسهم؛ ليمتحنهم بها. وقد شرع اللَّه لهم شرائع، وشرع لهم إبليس شرائع، وهو ما ذكر: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)، فإذا صرفوا ذلك إلى ما شرع لهم إبليس دون ما شرع اللَّه - فقد أشركوه فيها، وكل ما أطيع فيها مما سنَّ لهم إبليس وشرع لهم - فذلك شركته فيها؛ وذلك أن الأولاد في الشاهد إنما تطلب لأحد الوجوه الثلاثة:
إما للاستئناس بهم في حال الوحشة.
وإما للاستنصار بهم والعون على أعدائهم.