أي: الأسفلين وأعلاهم إبراهيم صلوات اللَّه عليه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (٧١) دل هذا على أن إبراهيم كان كالمشرف على الهلاك؛ لأن لفظة (النجاة) لا تقال إلا فيما كان هنالك إشراف على الهلاك.
وفيه أن لوطًا كان معه وإن كان إبراهيم هو الممتحن في ذلك وهم كانوا يقصدون قصد إهلاك الرسل والأتباع جميعًا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) قال الحسن: بركته ما ذكر في آية أخرى وهو قوله: (وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ)، كثيرة المياه والنبت ونحوه.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: بركته: سعته على أهلها.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: بركته؛ لأنها كانت مكان الأنبياء والرسل صارت مباركة بهم.
وجائز أن يكون صارت مباركة بإبراهيم ولوط؛ لما بهم ظهر الإسلام هنالك، والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (٧٢)
قَالَ بَعْضُهُمْ: النافلة: العطية.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: النافلة: الفضل.
وأصل النافلة: الغنيمة؛ كقوله: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ) أي: الغنائم.
والولد وولد الولد فضل منه وعطية وغنيمة؛ لأنه سمى الولد: هبة بقوله: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ)، وسمى الولد: مواهب، وخاصة إبراهيم لم يكن يطمع أن يولد له الولد في ذلك الوقت، فكيف يطمع ولد الولد؟! وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ).
يحتمل قوله: (صَالِحِينَ): رسلا، أو صالحين في كل أمر وكل شيء.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً ... (٧٣) قادة في أمر الدِّين، (يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) يحتمل قوله: (يَهْدُونَ)، أي: يدعون الناس بأمرنا؛ كقوله: (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ أي: داع.
وجائز أن يكون قوله: (يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا)، أي: يهدون الناس إلى ما به أمر اللَّه وإلى