وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ)، دل قوله: (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ) أنهم كانوا رسلًا ثم يحتمل قوله: (فِعْلَ الْخَيْرَاتِ)، وقوله: (وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ) فيه أن الصلاة والزكاة كانتا في شرائع المتقدمين.
وقوله: (وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) موحدين، أو عابدين له في كل وقت.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا (٧٤)
قَالَ بَعْضُهُمْ: (حُكْمًا) يعني: النبوة.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (حُكْمًا) أي: الفهم والعقل، وعلما.
وجائز أن يكون قوله: (حُكْمًا) أي: الحكم الذي يحكم بين الناس، (وَعِلْمًا)، أي: العلم الذي كان به يحكم بين الناس.
ومن قال: (حُكْمًا) هو النبوة، قال: لأن الأنبياء إنما يحكمون بين الناس بالنبوة فكتوا بالحكم عن النبوة.
ومن قال بالفهم فهو لأنه إنما يحكم بين الناس بعد ما فهم من الخصوم، وإلا حاصل الحكم هو الحكم بين الناس، (وَعِلْمًا)، أي: العلم الذي به يحكم، أو علمًا فيما بينه وبين ربه، واللَّه أعلم.
وقوله: (وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ).
أضاف عمل الخبائث إلى القرية، ومعلوم أن القرية لا تعمل شيئًا، لكن معناه: نجيناه من القرية التي كان أهلها يعملون الخبائث، وكذلك ذكر في حرف حفصة.
وقوله: (الْخَبَائِثَ): كل أنواع الخبث من الكفر والتكذيب بالآيات واللواطة وغيرها.
وقوله: (إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ).
أي: (كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ) في أفعالهم وأعمالهم التي كانوا يعملونها (فَاسِقِينَ)، أي: خارجين عن أمر اللَّه تاركين له، والفسق: هو الخروج عن الأمر؛ لأنه برحمته يدخل فيها ويدرك.
وقال غيره: (فِي رَحْمَتِنَا ... (٧٥) أي: نعمتنا، ونعمته: النبوة؛ كقوله لعيسى: (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ)، النبوة.
وجائز أن يكون قوله: (فِي رَحْمَتِنَا) أي: أعطيناه كل أنواع الخير برحمتنا؛ إذ كل من أصاب خيرًا في الدنيا والآخرة إنما يدركه برحمته.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) من النبيين.