إليهم، وإمَّا بالسماع من الأخبار.
أو أن يكون قوله: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) أي: قد ساروا في الأرض، لكن لم تكن لهم قلوب - عقول أو أفهام - يعقلون بها ما نزل بأُولَئِكَ بالتكذيب فيعتبروا بذلك، ولا كانت لهم آذان يستمعون ما حل بهم، أي: كانت لهم عقول يعقلون بها لو نظروا حق النظر، وآذان يسمعون بها لو سمعوا حق السماع، لكنهم لما لم ينتفعوا بعقولهم وأسماعهم نفى ذلك عنهم، وهو ما قال: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ) الظاهرة، (وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) وهو ما نفى عنهم السمع والبصر؛ لتركهم الانتفاع بها (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ).
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هذه الآية في شأن عبد اللَّه بن زائدة ابن أم مكتوم الأعمى، معناه: أن العمى عمى القلب، ليس عمى البصر، وهو كان أعمى البصر، لا أعمى القلب، هذا معناه إن ثبت، واللَّه أعلم.
وقوله: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ (٤٧) أي: لن يخلف اللَّه وعده الذي وعد في نزول العذاب، أي: ينزل بهم، لا يتقدم ولا يتأخر عن ميعاده.
وقوله: (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ).
قال عامة أهل التأويل - نحو ابن عَبَّاسٍ والضحاك ومجاهد وهَؤُلَاءِ -: إنها هي الأيام التي خلق اللَّه فيها الدنيا وجعلها أجلا لها، يعد كل يوم من تلك الأيام كألف سنة، وإلى هذا صرف عامة أهل التأويل، فلا نعلم لذلك وجهًا.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: وإن يومًا عند ربك من عذابهم في الآخرة كألف سنة مما تعدون في الدنيا، اليوم الواحد ألف سنة.
ووجه هذا: أن الوقت القصير القليل يجوز أن يصير مديدًا طويلا؛ لشدة العذاب والبلاء، نحو ما قيل لهم: (كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ)، قصر مقامهم في الدنيا؛ لشدة ما عاينوا من العذاب، فعلى ذلك هذا، واللَّه أعلم.
وجائز أن يكون هذا لا للتوقيت والمدة؛ إذ الآخرة مما لا غاية لانتهائها، وكل شيء