وقوله: (هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (٣)
قوله: (هُدًى)، أي: توفيقًا وعصمة ومعونة للمحسنين، وكذلك هو رحمة لهم في دفع العذاب عنهم.
وأما ما يقول أهل التأويل: (هُدًى)، أي: بيانًا للمحسنين فهو بيان للكل ليس لبعض دون بعض؛ فلا يحتمل الهدى البيان في هذا الموضع؛ ولكن ما ذكرنا من المعونة والتوفيق والعصمة. والمحسن - هاهنا - جائز أن يكون المؤمن؛ كقوله: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ): الصبار: هو المؤمن، والشكور: هو المؤمن، سمى المؤمن: صبارا مرة وشكورا مرة ومحسنا مرة؛ لأنه يعتقد بالإيمان كل ما ذكر من الصبر والشكر والإحسان وكل خير، واللَّه أعلم.
وقوله: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)
قد ذكرنا تأويله فيما تقدم في غير موضع.
وقوله: (أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥) تأويلِ الهدى ما ذكرنا في هذا الموضع من التوفيق والعصمة والمعونة. (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
قد ذكرناه أيضًا.
وقوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (٦)
اختلف في قوله: (مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: ليس على حقيقة الاشتراء نفسه؛ ولكن على الإيثار والاختيار؛ لأن الاشتراء هو مبادلة أخذ وإعطاء، ولكن آثروا واختاروا الضلال مع قبحه عندهم على الهدى مع حسنه؛ فعلى ذلك آثروا لهو الحديث واختاروه على الحق وحكمة الحديث، واختاروا الفاني على الباقي؛ فسماه: شراء لذلك.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هو على حقيقة الاشتراء. لكنهم اختلفوا: فمنهم من يقول: إنه على