اشتراء المغنية والمغني كانوا يشترونهم؛ ليتلهوا بهم ويلعبوا.
ومنهم من قال: كان أحدهم يشتري ويكتب عن لهو الحديث وباطله من حديث الأعاجم، فيحدث بها قريشًا، ويقول: إن محمدا يحدثكم بأحاديث عاد وثمود، وأنا أحدثكم بأحاديث فارس والروم؛ فذلك اشتراؤه لهو الحديث وإضلاله الناس عن سبيل اللَّه فأعرضوا عن القرآد والإيمان بمحيد.
(وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا).
وكان إذا سمع شيئًا من القرآن اتخذها هزوا، هكذا عادة الكفرة وأهل النفاق: كانوا يستهزئون بالقرآن وبرسول اللَّه وأصحابه.
ثم أوعدهم الوعيد الشديد؛ حيث قال: (أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ).
وابن مسعود وابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنهما - يقولان في قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ): هو شراء المغنية والغناء، وقد روي مرفوعًا عن أبي القاسم، عن أبي أمامة، عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: " لا تبيعوا المغنيات ولا تشتروهن، ولا تعلموهن ولا خير في التجارة فيهن، وثمنهن حرام ".
وفي مثله أنزلت هذه الآية: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ. . .) الآية، فإن ثبت هذا فهو تفسير لهو الحديث الذي ذكر في الآية.
وقوله: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٧)
أي: أعرض متعظمًا متجبرًا.
قوله تعالى: (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا):
يحتمل قوله: (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا)، و (كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا) على التقرير.
ويحتمل: على نفي الحقيقة.
فإن كان على التقرير فهو على ترك الاستماع.
وإن كان على حقيقة النفي فقد ذكر في كثير من الآي ذلك كقوله: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ)، وذلك يحتمل وجهين - واللَّه أعلم - ثم أوعده العذاب الشديد؛ حيث