وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (٦) قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: يدخلهم أن جنة التي بينها لهم في الدنيا ووصفها.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: عرفها لهم في الآخرة حتى يعرف كل منزله وأهله من غير أعلام وأدلة جعلت لهم، كما يعرف كل أحد في الدنيا منزله وأهله وخدمه، واللَّه أعلم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (عَرَّفَهَا لَهُمْ) أي: طيبها لهم؛ يقال: فلان معرف، أي: مطيب، وطعام معرف، أي: مطيب؛ وهو قول الْقُتَبِيّ.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (٧) أي: إن تنصروا دين الله ينصركم.
أو إن تنصروا أولياء اللَّه ينصركم على أعدائكم.
ثم نصرنا دين اللَّه وأولياءه يكون مرة بالأنفس والأموال ببذلها في سبيله لابتغاء وجهه.
والثاني: يكون نصرًا بالحجج والبراهين بإقامتها عليهم بما أمرنا من إقامة الحجج والآيات.
ثم يكون نصر اللَّه إيانا من وجهين:
أحدهما: ينصرنا على أعدائه بما يغلبهم ويقهرهم، لكن إن كان هذا، فيكون في حال دون حال، وفي وقت دون وقت، لا في كل الأحوال.
والثاني: يكون نصره إيانا بما يجعل العاقبة لنا، وإن كنا غلبنا وقهرنا في بعض الحروب والقتال، وكانوا هم الغالبين علينا، قاهرين لنا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ).
يحتمل في الحروب والقتال، أو يثبت أقدامهم في الآخرة؛ كي لا تزول، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (٨) أي: هلاكًا لهم.
وقيل: أي: محنة عند الهزيمة والقتل.
وجائز أن يكون أريد به الهلاك، وأصل التعس هو العثور والسقوط، وهو الهلاك، فيرجع إلى ما ذكرنا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (٩) أي: ذلك الذي ذكر لهم من التعس والهلاك وإبطال الأعمال بأنهم تركوا اتباع ما أنزل اللَّه على رسوله؛ إذ كل من ترك اتباع شيء اعتقادًا، فقد كرهه، واللَّه أعلم.