من وجهين:
أحدهما: فيما خلق في الأرض من الخلائق.
والثاني: فيما في الأرض من أنباء السلف وأخبارهم من مكذبي الرسل ومصدقيهم، أي: في هلاك من هلك من مكذبيهم، ونجاة من نجا من مصدقيهم آيات لمن ذكر، فهذه الأنباء والقصص التي ذكرت هاهنا تفسير لقوله: (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ ... (٣٩) هذا يخرج على وجهين:
أحدهما: أي: فتولى هو وركنه، وهم جنوده وقومه عن اتباع موسى - عليه السلام - وما يدعوهم إليه.
والثاني: فتولى هو بقوة ركنه، وهم قومه، أي: تولى عن الحق واتباع موسى - عليه السلام - بقوة قومه ومعونتهم، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ).
سماه: ساحرًا بما أتى من الآيات المعجزة، وقومه إنما يعرفون وصف السحر على هذا الوجه، فسماه بذلك وإن أيقن هو أن مثل ذلك الفعل لا يكون سحرًا؛ تمويها على قومه، وسماه مجنونًا؛ لما خاطر بنفسه بمخالفته، مع علمه أن همته القتل لمن خالفه في دينه وملكه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (٤٠).
وهذا يدل على أن تأويل قوله تعالى: (فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ) أي: تولى هو، وتولى قومه وجنوده.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: (مُلِيمٌ)، أي: يلام عليه.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: (مُلِيمٌ)، أي: هو مذموم.
وقَالَ الْقُتَبِيُّ: هو مذنب.
ثم دل قوله تعالى: (فَنَبَذْنَاهُمْ) على أن لله تعالى في أفعال العباد صنعا؛ حيث أضاف ذلك إلى نفسه، وهم الذين دخلوا في اليم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَفِي عَادٍ ... إذ أرسلنا (٤١).
أي: في أمر عاد بينة وآية وعبرة للمؤمنين؛ كقوله تعالى: (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)، أي أهلكوا بالريح، وقد بلغ من