يحتمل: واذكر باسم ربك.
أو صل باسم ربك؛ كقوله: (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى).
أو يقول: اذكر اسم ربك، أي: كن ذاكرا له في كل وقت.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بُكْرَةً وَأَصِيلًا):
البكرة: تحتمل صلاة الصبح، والأصيل: يحتمل صلاة الظهر والعصر.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (٢٦):
تحتمل صلاة الليل النوافل إن كان قوله: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) في صلاة الفرائض، وإن لم يكن في ذلك؛ فيكون كأنه قال: واذكر ربك في كل وقت بالليل والنهار.
أو يقول: فليكن اسم ربك مذكورا؛ حتى لا تخلو ساعة من هذه الساعات إلا وهو مذكور فيها، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (٢٧):
حب العاجلة مما طبع به الخلائق؛ لأن كل طبع على حب الانتفاع والتمتع بالشيء؛ فلا يلحقهم الذم بحب ما طبعوا عليه وأنشئوا، ولكن إنما يلحق الذم من أحب الدنيا واختارها وآثرها على غير الذي جعلت الدنيا وأسست؛ فالدنيا إنما أسست، وجعلت؛ ليكتسب بها نعيم الآخرة والحياة الدائمة اللذيذة؛ فمن أحب لهذا، فهو لا يلحقه بذلك ذم، ولا تعيير؛ ومن أحبها وآثرها لها، واكتسبها لها، فهو المذموم، وأُولَئِكَ كانوا مختلفين في ذلك، لم يكونوا على فن واحد.
منهم من حمله حبه الدنيا على إنكار وحدانية اللَّه - تعالى - وألوهيته.
ومنهم من حمله حبه إياها على تكذيب الرسل والتعادي لهم، ومكابرة الحق.
ومنهم من حمله حبه إياها على إنكار البعث والجزاء لما عملوا.
ومنهم من حمله حبه الدنيا على التفريق بين الرسل، أنكروا بعضا، وصدقوا بعضا.
تولد من حبهم إياها ما ذكرنا؛ فلحقهم الذم لذلك، وكذلك ما ذكر من الإنفاق في الدنيا حيث قال: (مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ. . .) الآية، فمن أنفق من هذه الدنيا لها؛ فتكون نفقته ما ذكر؛ لأنه أنفق لغير ما جعلت له النفقة؛ فكان ما ذكر؛ فعلى ذلك من أحب الدنيا، واختارها للدنيا