سُورَةُ اقْرَأْ، وهي مَكِّيَّة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥) كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (٨).
قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ):
ذكر أهل التأويل أن هذه أول سورة نزلت على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وأول وحي أوحي إليه.
وقيل: غير هذه هي الأولى.
ثم الإشكال أنه أمره بأن يقرأ باسم ربك الذي خلق، وحق هذا ونحوه إذا قيل له: اقرأ، أو افعل: ألا يقول مثل ما قيل له: اقرأ أو افعل؛ لأنه أمر في الظاهر إنما يكون عليه الائتمار بذلك، وكذلك قوله: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)، و (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، وكذلك على هذا قوله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ. . .)، وأمثال ذلك، يجب ألا يقول هو مثل ما قيل له: (قُلْ)، أو: (اقْرَأْ)، ولكن يقول: " يَا أَيُّهَا الكافرون "، ويقول: " هو اللَّه أحد "، " أعوذ برب الفلق "، " أعوذ برب الناس "، هذا هو وجه الكلام ومعناه.
وجوابه أنه يحتمل وجوها:
أحدها: أنه أريد بهذا أن يكون قرآنا يقرأ هكذا في حق القراءة يبقى، ويثبت في المصاحف إلى آخر الدهر؛ ليعلم كيف قيل لرسول اللَّه؟ وكيف أوحي إليه؟ وأنه لم يترك مما قيل له حرفا واحدا؛ ليكون حجة لرسالته وآية لنبوته، واللَّه أعلم.
ويحتمل أن يكون كذلك على خلاف المفهوم من كلام الناس؛ لئلا يكون المفهوم