وقوله: (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ (٢٥٠)
يعني لقتالهم.
وقوله: (قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
يقول: اصبب. ويقال: أتمم علينا صبرا.
وهكذا الواجب على كل من لقي العدو أن يدعو بمثل هذا.
وعلى قول المعتزلة لا معنى لهذا الدعاء، لأنه قد كان فعل بهذا الأصلح.
فاستجاب اللَّه دعاءهم، وهزم عدوهم؛ وهو قوله تعالى: (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ (٢٥١)
قَالَ بَعْضُهُمْ: (بِإِذْنِ اللَّهِ)، بأمر اللَّه. لكن لا يحتمل؛ لأنهم كانوا يقاتلون بالأمر، ولا يهزمون بالأمر.
وقال آخرون: (بِإِذْنِ اللَّهِ)، بعلم اللَّه، كان في علمه في الأزل أنهم يهزمونهم.
وقيل: (بِإِذْنِ اللَّهِ)، بنصر اللَّه. وهو أقرب. واللَّه أعلم.
وقيل في القصة: إن داود، عليه السلام، كان راعيًا، وكان له سبعة إخوة مع طالوت خرجوا معه للقتال. ولما أبطأ خبر إخوته على أبيهم أرسل داود إليهم لينظر ما أمرهم ويأتيه بخبرهم. قال: فأتاهم وهم في الصفوف. فبرز جالوت، فلم يخرج إليه أحد.
فقال: (يا بني إسرائيل) لو كنتم على حق لخرج إليَّ بعضكم. فقال داود لإخوته: أما فيكم أحد يخرج إلى هذا الأقلف؟ قال: فقالوا: اسكت. قال: فذهب داود إلى طالوت، فقال: أيها الملك، إِنِّي أراكم تعظمون شأن هذا العدو. ما تصنعون بمن يقتل هذا الأقلف؟ قال طالوت: أنكحه ابنتي، وأجعل له نصف ملكي. فقال داود لطالوت: فأنا أخرج إليه. فلما قال داود: (أنا أخرج إليه)، قال له طالوت: من أنت؟ قال: أنا داود بن فلان. فعرفه طالوت، ورأى أنه أجلد إخوته. قال: فأعطاه طالوت درعه وسيفه. قال: فلما خرج داود في الدرع جرها في الأرض؛ لأن طالوت كان أطول منه. قال: فأخذ داود العصا ثم خرج إلى جالوت. فمر بثلاثة أحجار، فقلن: يا داود خذنا معك، ففينا ميتة جالوت. فأخذها ثم مضى نحوه. وعلى جالوت بيضة هي ثلاثمائة رطل. فقال له جالوت: إما أن ترميني، وإما أن أرميك؟ فقال له داود: بل أنا أرميك. فرماه بها، فأصابه