بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ).
والرابع: فيها دلالة أن اللَّه - جل وعلا - خالق الدنيا وما فيها من المحاسن والخبائث، والأعالي والخسائس، حيث ضرب مثل الرفيع بالرفيع والخسيس بالخسيس؛ فدل أن خالق هذه الأشياء كلها هو اللَّه تعالى، لا شريك له ولا شبيه.
ثم شبه الصدقة التي هي لله - عَزَّ وَجَلَّ - مرة بالربوة من الأرض: وهي المرتفعة منها، ومرة بالحبة التي تنبت كذا كذا سنبلة، وفي كل سنبلة كذا كذا حبة، ومرة بالأضعاف المضاعفة؛ كقوله: (فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً). فهو - واللَّه أعلم - لما علم عَزَّ وَجَلَّ رغبة الناس مرة في العدد في الدنيا، ومرة في البساتين المرتفعة أرضها وتربتها ليشرفوا على غيرهم من الخلائق والبقاع، ومرة في الكثير من الأشياء والعظيم منها رغبهم عَزَّ وَجَلَّ في الصدقة بما ذكرنا من الأشياء لعلمه برغبتهم فيها، ليرغبوا في ذلك. واللَّه أعلم.
وعلى ذلك حرم اللَّه تعالى الصدقات على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه كان يرغب الناس في الصدقة؛ لئلا يظنوا فيه ظن السوء ويقولون: إنه إنما يرغبهم فيها لينتفع هو بها.
وقوله تعالى: (وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ) واختلف فيه:
قيل: (وَتَثْبِيتًا): تصديقا، كقوله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧).
وقيل: (وَتَثْبِيتًا)، أي: تيقينا بالإسلام.
وقيل: يثبتون في مواضع الصدقة.
وقيل (وَتَثْبِيتًا) في الصدقة، إذا كانت لله أمضى وتصدق بها، وإن خالطه شيء أمسك. واللَّه أعلم.
وقوله تعالى: (كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ).
قيل: الربوة: المرتفع من الأرض.
وقيل: الربوة: الظاهر المستوي من المكان.