(والْمُحَرَّر): هو العتيق عن المعاش بالعبادة.
وقيل: " الْمُحَرَّر " هو الذي يعبد اللَّه - نعالى - خالصًا مطيعًا، لا يشغله شيء عن عبادته، فارغًا لذلك، وهو قول ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وقيل: " الْمُحَرَّر " هو الذي يكون لله صافيًا.
وقيل: " الْمُحَرَّر " هو مَنْ خَدَمَ المسجد.
وقوله: (إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا)
جعلت ما في بطنها لله خالصًا، لم تطلب منه الاستئناس به، ولا ما يطمع الناس من أولادهم، وذلك من الصفوة التي ذكر - عَزَّ وَجَلَّ - وهكذا الواجب على كل أحد أنه إذا طلب ولدًا أن يطلب للوجه الذي طلبت امرأة عمران وزكريا، حيث قال: (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً)، وما سأل إبراهيم - عليه السلام -: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)، وكقوله: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا. . .) الآية هكذا الواجب أن يطلب الولد لا ما يطلبون من الاستئناس والاستنصار والاستعانة بأمر المعاش بهم.
وقوله: (إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
أي: تقبل مني قرباني، وما جعلت لك خالصًا، إنك أنت السميع لنذري، العليم بقصدي في التحرير.
وقيل: (السَّمِيعُ): المجيب لدعائي، (العليم) بنيتي.
وقوله: (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى (٣٦)
ومعنى قولها: (إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى) -مع علمها أن اللَّه عالم بما في بطنها وبما وضعتها- وجهان:
أحدهما: اعتذارًا لما لم يكن يُحَرَّر في ذلك الزمان إلى الذكور من الأولاد؛ فاعتذرت: