إني ما وضعت لا يصلح للوجه الذي جعلت.
والثاني: أن الإنسان إذا رأى شيئا عجيبا قد ينطق بذلك، وإن كان يعلم أن غيره علم ما علم هو، وأنه رأى مثل ما رأى هو.
أو يحتمل أن طلبت ردّها إلى منافعها إذا وضعت الأنثى؛ لما رأت الأنثى لا تصلح لذلك.
ويحتمل قولها: (إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى): التعريض لإجابة اللَّه - تعالى - لها فيما قصدت من طاعته بالنذور إن لم تكن صلحت لما قصدت، وقد أجيبت في ذلك بقوله: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ) نحو ما يتقبل لو كان ذكرًا في الاختيار والإكرام، وجعلها خير نساء العالمين.
وقوله: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى). اختلف فيه: قيل: إن ذلك قولها، قالت: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) على إثر قولها: (إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى)؛ لما تحتاج الأنثى إلى فضل حفظ وتعاهد، والقيام بأسبابها ما لا يحتاج الذكر.
وقيل: إن ذلك قول قاله - عَزَّ وَجَلَّ - لما قالت: (إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى)، جوابًا لها، (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) فيما قصدت، واللَّه أعلم.
وقوله: (وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ).
فيه دليل على أن تسمية الأولاد إلى الأمهات في الإناث دون الآباء، ثم التجأت إلى اللَّه تعالى، حيث أعاذتها به -وذريتَها- من الشيطان الرجيم.
وفيه دلالة أن الذكور يكونون من ذرية الإناث؛ لأنه لم يكن منها إلا عيسى، عليه السلام.
وقوله: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ (٣٧)
يحتمل قوله: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ): أن أعاذها وذريتها من الشيطان الرجيم على ما سألت.