بالنصب فهو على فعل ما لم يسم فاعله على معنى أفعل. وقرئ في الشاذ وَمَا أُخْفِىَ يعني: وَمَا أُخْفِىَ الله عز وجل لَهُمْ ثم قال: جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يعني: جزاء لأعمالهم.
قوله عز وجل: أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ يعني: لا يستوون عند الله عَزَّ وَجَلَّ في الفضل. نزلت الآية في علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- والوليد بن عقبة بن أبي معيط. وذلك أنه جرى بينهما كلام. فقال الوليد لعلي: بأي شيء تفاخرني؟ أنا والله أحد منك سناناً، وأبسط منك لساناً، وأملأ منك في الكتيبة عيناً. يعني: أكون أملأ مكاناً في العسكر. فقال له- علي رضي الله عنه-: اسكت فإنك فاسق فنزل أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ. وقال الزجاج: نزلت في عقبة بن أبي معيط. قال: ويجوز في اللغة لا يستويان. ولم يقرأ. والقراءة لاَّ يَسْتَوُونَ ومعناهما: لا يستوي المؤمنون والكافرون.
ثم بين مصير كلا الفريقين فقال تعالى: أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا أي: أقروا بالله ورسوله والقرآن وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يعني: الطاعات فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلًا يعني: يأوي إليها المؤمنون. ويقال: يأوي إليها أرواح الشهداء، وهو أصح في اللغة.
ثم قال: نُزُلًا يعني: رزقاً. والنزل في اللغة هو الرزق. ويقال: نُزُلًا يعني: منزلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يعني: بأعمالهم.
ثم بيّن مصير الفاسقين فقال: وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا يعني: عصوا ولم يتوبوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ فسقوا يعني: نافقوا وهو الوليد بن عتبة ومن كان مثل حاله فَمَأْواهُمُ النَّارُ يعني:
مصيرهم إلى النار ومرجعهم إليها كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها يعني: من النار أُعِيدُوا فِيها ويقال: إن جهنم إذا جاشت، ألقتهم في أعلى الباب. فطمعوا في الخروج منها، فتلقاهم الخزنة بمقامع فتضربهم، فتهوي بهم إلى قعرها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ وقال في آية أخرى: ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ سبأ: ٤٢ بلفظ التأنيث.
لأنه أراد به النار وهي مؤنثة. وهاهنا قال الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ بلفظ التذكير لأنه أراد به العذاب وهو مذكر.
سورة السجده (٣٢) : الآيات ٢١ الى ٢٤
وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢١) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ (٢٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤)