يَا رَبّ الْحَبْس فِي السِّجْن أَحَبّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ مِنْ مَعْصِيَتك وَيُرَاوِدْنَنِي عليه مِنَ الْفَاحِشَة, قال السدي: {مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} مِنْ الزِّنَا (١) , قال ابن إسحاق: اسْتَعَانَ ربّه ممَا نَزَلَ بِهِ, وقال: {السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} أي: أحَبّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ آتِيَ مَا تَكْرَه (٢) , وَإِنْ لَمْ تَدْفَع عَنِّي يَا رَبّ فِعْلَهُنَّ الَّذِي يَفْعَلْنَ بِي فِي مُرَاوَدَتِهِنَّ إِيَّايَ عَلَى أَنْفُسِهِنَّ {أَصْبُ إِلَيْهِنَّ} أي: أَمِيل إِلَيْهِنَّ، وَأُتَابِعُهُنَّ عَلَى مَا يُرِدْنَ مِنِّي، مِنْ قَوْل الْقَائِل: صَبَا فُلَان إِلَى كَذَا (٣)
كما قال: يزيد بن ضبّة الثقفي (٤):
إِلَى هِنْدٍ صَبَا قَلْبِي ... وَهِنْدٌ مِثْلُهَا يُصْبِي (٥)
قال: إِلَّا يَكُنْ مِنْك أَنْتَ الْعَوْن وَالْمَنَعَة، لَا يَكُنْ مِنِّي وَلَا عِنْدِي, وقولُهُ: وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ أي: أَكُنْ بِصَبْوَتِي إِلَيْهِنَّ مِنَ الَّذِينَ جَهِلُوا حَقّك وَخَالَفُوا أَمْرك وَنَهْيك. وقوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ} فاستجاب الله ليوسف دعاءه فصرف عنه ما أرادت منه امرأة العزيز وصواحباتها من معصية الله, قال ابن اسحاق: " أي: نجّاه من أن يركب المعصية" (٦) , ويقال: ما وجه
(١) مقاتل، مرجع سابق، ٢/ ٣٣٢.ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٣٨.
(٢) ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٣٨.ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١٤٤.
(٣) ابن دريد، الاشتقاق، تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون، ط ١، (لبنان: دار الجيل، ١٤١١ هـ-١٩٩١ م، ١/ ٤٢٣. الأزهري الهروي، تهذيب اللغة، مرجع سابق، ١٢/ ١٧٩ ..
(٤) هو يزيد بن مِقْسَمٍ الثقفي. من مواليهم، وضبة أمه: شاعر كبير، ذكره ابنُ حِبان في كتاب "الثقات" من أهل الطائف (بالحجاز) مات أبوه وخلفه صغيراً، فحضنته أمه، فنسب إليها. انقطع إلى الوليد بن يزيد بالشام، فكان لا يفارقه. ولما أفضت الخلافة إلى هشام، أبعد ابن ضبة، لاتصاله بالوليد، فخرج إلى الطائف، فأقام إلى أن ولي الوليد، فوفد عليه، فأدناه وضمه إليه وأكرمه. وأن لابن ضبة ألف قصيدة اقتسمتها شعراء العرب وانتحلتها فدخلت فى أشعارها. مات بالطائف. (ت: ١٣٠ هـ). المزي، مرجع سابق،٣٢/ ٢٥٠. ابن حجر، تهذيب التهذيب، مرجع سابق، ١١/ ٣٦٢.الزركلي، مرجع سابق، ٨/ ١٨٩.
(٥) أبو عبيدة، مجاز القرآن، مرجع سابق، ١/ ٣١١.
(٦) ابن جرير، مرجع سابق، ١٣/ ١٤٦.ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٣٩.