معلوما فأَرسَل به إليه (١)
, فقال يوسف: {لَا يَاتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّاتُكُمَا بِتَاوِيلِهِ} إلى قوله: {يَشْكُرُونَ}، فلم يدعاه يعدل بهما، وكره العبارة لهما فلم يدعاه حتى يُعبّر لهما فعدَل بهما, وقال: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} إلى قوله: {يَعْلَمُونَ} فلم يدعاه حتى عبّر لهما فقال: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَاكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَاسِهِ} قالا (٢): ما رأينا شيئا, إنما كنّا نلعب, قال: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} (٣).
وقولُهُ: {لَا يَاتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّاتُكُمَا بِتَاوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَاتِيَكُمَا} معناه: لا يأتيكما طعام ترزقانه في اليقظة لا في النوم, وإنما أعلَمَهما, على هذا القول أن عنده ما يؤول إليه أمر الطعام الذي يأتيهما من عند الملك ومن عند غيره, لأنه قد علم النوع الذي إذا أتاهما, كان علامة لقتل من أتاه ذلك منهما, والنوع الذي إذا أتاه كان علامة لغير ذلك, فأخبرهما أنه عنده عِلْم ذلك (٤).
وقوله تعالى: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} أي: اتبعت دينهم لا دين أهل الشرك, ما كان لنا أن نجعل لله شريكاً في عبادته وطاعته, بل الذي علينا إقرارنا بالألوهية والعبادة له {ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ علينا} أي: إتباعي ملة آبائي على الإسلام, وتركي {مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} {وَاتَّبَعْتُ} من فضل الله الذي تفضل به علينا, فأنعم إذ أكرمنا به, وذلك أيضاً من فضل الله على الناس, إذ أرسلنا إليهم دعاة إلى توحيده وطاعته (٥) , ولكن من
(١) القيسي، الهداية إلى بلوغ النهاية، مرجع سابق، ٥/ ٣٥٦٥. الماوردي، مرجع سابق، ٣/ ٣٧ ..
(٢) في (د) "فقالا".
(٣) ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٤٧.
(٤) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ١٠٢.
(٥) ابن جرير، مرجع سابق، ١٦/ ١٠٣. ابن أبي حاتم، مرجع سابق، ٧/ ٢١٤٥.