{إِلَاّ إِبْلِيسَ كان مِنَ الْجِنِّ} ٥٠ الكهف لِمَ سماه الله تعالى بهذا الاسم , على أربعة أقاويل: أحدها: أنهم حي من الملائكة يُسَمَّوْن جنّاً كانوا من أشدِّ الملائكة اجتهاداً , وهذا قول ابن عباس. والثاني: أنه جعل من الجنِّ , لأنه من خُزَّانِ الجنَّةِ , فاشتق اسمه منها , وهذا قول ابن مسعود. والثالث: أنه سمي بذلك لأنه جُنَّ عن طاعة ربِّه , وهذا قول ابن زيدٍ. والرابع: أن الجِنِّ لكلِّ ما اجْتَنَّ فلم يظهر , حتى إنهم سَمَّوُا الملائكة جناً لاستتارهم , وهذا قول أبي إسحاق , وأنشد قول أعشى بني ثعلبة:
(لَوْ كَانَ حَيٌّ خَالِد أَوْ مُعَمَّراً ... لَكَانَ سُلَيْمَان البري مِنَ الدَّهْرِ)
(بَرَاهُ إلهي وَاصْطَفَاهُ عِبَادُهُ ... وَمَلَّكَهُ ما بَيْنَ نُوبَا إلى مِصْرِ)
(وَسَخَّرَ مِنْ جِنِّ الْمَلَائِكِ تِسْعَةً ... قِيَاماً لَدَيْهِ يعْمَلُونَ بِلَا أَجْرِ)
فسمَّى الملائكة جناً لاستتارهم. وفي قوله تعالى: {وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} ثلاثةُ أَقَاوِيلَ: أحدها: أنه قد كان قبله قوم كفار , كان إبليس منهم. والثاني: أن معناه: وصار من الكافرين. والثالث: وهو قول الحسن: انه كان من الكافرين , وليس قبله كافرا , كما كان من الجنِّ , وليس قبله جِنٌّ , وكما تقول: كان آدم من الإنس , وليس قبله إنسيٌّ.