أحدهما: أنه الحار , حكاه أبان بن تغلب عن علقمة النحوي. الثاني: هو المشوي نضيجاً وهو المحنوذ مثل طبيخ ومطبوخ وفيه قولان: أحدهما: هو الذي حُفر له في الأرض ثم غُمَّ فيها , قال الشاعر:
(اذا ما اعتبطنا اللحم للطالب القِرى ... حنذناه حتى عَين اللحم آكله)
الثاني: هو أن يوقد عل الحجارة فإذا اشتد حرها ألقيت في جوفه ليسرع نضجه , قال طرفة بن العبد:
(لهم راحٌ وكافور ومسكٌ ... وعِقر الوحش شائله حنوذ)
قوله عز وجل: {فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم} في نكرهم وأنكرهُم وجهان: أحدهما: أن معناهما مخلتف , فنكرهم إذا لم يعرفهم ونكرهم إذا وجدهم على منكر. الثاني: أنهما بمعنى واحد , قال الأعشى:
(وأنكَرَتْني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلا الشيب والصّلَعا)
واختلف في سبب إنكاره لهم على قولين: أحدهما: أنهم لم يطعموا , ومن شأن العرب إذا نزل بهم ضيف فلم يطعم من طعامهم ظنوا به سوءاً وخافوا منه شراً , فنكرهم إبراهيم لذلك , قاله قتادة. والثاني: لأنه لم تكن لهم أيدي فنكرهم , قاله يزيد بن أبي حبيب. وامتنعوا من طعامه لأنهم ملائكة لا يأكلون ولا يشربون. {وَأَْوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} فيه وجهان: أحدهما: أضمر في نفسه خوفاً منهم. والثاني: أحسّ من نفسه تخوفاً منهم , كما قال يزيد بن معاوية:
(جاء البريد بقرطاس يُخَبُّ به ... فأوجس القلبُ من قرطاسه جزعا)
{قالوا لا تخف إنا أُرسلنا إلى قوم لوط} يعني بهلاكهم.