{إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم} قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللهِ} أما الصفا والمروة فهما مبتدأ السعي ومنتهاه. وفيه قولان: أحدهما: أن الصفا: الحجارة البيض , والمروة الحجارة السود. واشتقاق الصفا من قولهم صفا يصفو إذا خَلَص , وهو جمع واحده صفاة. والثاني: أن الصفا: الحجارة الصلبة التي لا تنبت شيئاً , والمروة الحجارة الرخوة , وهذا أظهر القولين في اللغة. يدل على الصفا قول الطرماح:
(أبت لي قوتي والطول إلاّ ... يؤيسَ حافراً أبداً صفاتي)
ويدل على المروة قول الكميت:
(ويُوَلّي الأرضَ خفاً ذابلاً ... فإذا ما صادف المَرْوَ رضخ)
وحُكِيَ عن جعفر بن محمد قال: نزل آدم على الصفا , وحواء على المروة , فَسُمِّي الصفا باسم آدم المصطفى وسميت المروة باسم المرأة. وقيل إن اسم الصفا ذكّر بإساف وهو صنم كان عليه مذكر الاسم , وأنثت المروة بنائلة وهو صنم كان عليه مؤنث الاسم. وفي قوله: {مِن شَعَائِرِ اللهِ} وجهان: أحدهما: يعني من معالم الله التي جعلها لعباده معلماً , ومنه قول الكميت:
(نقتّلهم جيلاً فجيلاً تراهُمُ ... شعائر قربان بها يُتَقَرَّبُ)