والثاني: إن الشعائر جمع شعيرة وهو الخبر الذي أخبر الله تعالى عنه , وهي من إشعار الله عباده أمر الصفا والمروة وما عليهم من الطواف بهما , وهذا قول مجاهد. ثم قال تعالى: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ} أما الحج ففيه قولان: أحدهما: أنه القصد , سمي به النسك لأن البيت مقصود فيه , ومنه قول الشاعر:
(وأشهد من عوف حلولاً كثيرة ... يحجون سب الزبرقان المزعفرا)
يعني بقوله يحجون أي يكثرون التردد إليه لسؤدده ورياسته , فسمي الحج حجاً لأن الحاج يأتي قِبَلَ البيت ثم يعود إليه لطواف الإفاضة , ثم ينصرف إلى منى ويعود إليه لطواف الصدر , فلتكرر العَوْد إليه مرة بعد أخرى قيل له: حاجّ. وأما العمرة ففيها قولان: أحدهما: أنها القصد أيضاً , وكل قاصد لشيء فهو معتمر , قال العجاج:
(لقد غزا ابن معمر حين اعتمر ... مَغْزىً بعيداً من بعيد وصَبَر)
يعني بقوله حين اعتمر أي حين قصد. والقول الثاني: أنها الزيارة ومنه قول الشاعر:
(وجاشت النفسُ لمَّا جاءَ فَلُّهم ... وراكب جاءَ من (تثليث) معتمرا)
أي زائراً. ثم قال تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ورفع الجناح من أحكام المباحث دون الواجبات.