والثاني: معناه أن الصوم سبب يؤول بصاحبه إلى تقوى الله , لما فيه من قه النفس , وكسر الشهوة , وإذهاب الأشر , وهو معنى قول الزجاج. قوله عز وجل: {أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ} فيها قولان: أحدهما: أنها أيام شهر رمضان التي أبانها من بعد , وهو قول ابن أبي ليلى وجمهور المفسرين. والثاني: أنها صيام ثلاثة أيام من كل شهر , كانت مفروضة قبل صيام شهر رمضان , ثم نسخت به , وهو قول ابن عباس , وقتادة وعطاء , وهي الأيام البيض من كل شهر , وفيها وجهان: أحدهما: أنه الثاني عشر وما يليه. الوجه الثاني: أنها الثالث عشر وما يليه , وهو أظهر الوجهين , لأن أيام الشهر مجزأة عند العرب عشرة أجزاء , كل جزء منها ثلاثة أيام , تختص باسم , فأولها ثلاث غرر , ثم ثلاث شهب , ثم ثلاث بهر , ثم ثلاث عشر , ثم ثلاث بيض , ثم ثلاث درع , والدرع هو سواد مقدم الشاة , وبياض مؤخرها , فقيل لهذه الثلاث درع , لأن القمر يغيب في أولها , فيصير ليلها درعاً , لسواد أوله , وبياض آخره , ثم ثلاث خنس , لأن القمر يخنس فيها , أي يتأخر , ثم ثلاث دهم , وقيل حنادس لإظلامها , ثم ثلاث فحم , لأن القمر يتفحم فيها , أي يطلع آخر الليل , ثم ثلاث رادي , وهي آخر الشهر , مأخوذة من الرادة , أن تسرع نقل أرجلها حتى تضعها في موضع أيديها. وقد حكى أبو زيد , وابن الأعرابي , أنهم جعلوا للقمر في كل ليلة من ليالي العشر اسماً , فقالوا ليلة عتمة سخيلة حل أهلها برميلة , وابن ليلتين حديث مين مكذب ومبين , ورواه ابن الأعرابي كذب ومين , وابن ثلاث قليل اللباث , وابن أربع عتمة ربع لا جائع ولا مرضع , وابن خمس حديث وأنس , وابن ست سِرْ وبِتْ , وابن سبع دلجة الضبع , وابن ثمان قمر إضحيان , وابن تسع انقطع الشسع. وفي رواية غير أبي زيد: يلتقط فيه الجزع , وابن عشر ثلث الشهر , عن أبي زيد وعن غيره , ولم يجعل له فيما زاد عن العشر اسماً مفرداً.