واختلفوا في الهلال متى يصير قمراً , فقال قوم يسمى هلالا لليلتين , ثم يُسَمَّى بعدها قمراً , وقال آخرون يسمى هلالاً إلى ثلاث , ثم يسمى بعدها قمراً , وقال آخرون يسمى هلالاً إلى ثلاث , ثم يسمى بعدها قمراً , وقال آخرون يسمى هلالاً حتى يحجر , وتحجيره أن يستدير بِخَطَّةٍ دقيقة , وهو قول الأصمعي , وقال آخرون يسمى هلالاً إلى أن يبهر ضوؤه سواد الليل , فإذا بهر ضوؤه يسمى قمراً , وهذا لا يكون إلا في الليلة السابعة. ثم عدنا إلى تفسير ما بقي من الآية. قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ} يعني مريضاً لا يقدر مع مرضه على الصيام , أو على سفر يشق عليه في سفره الصيام. {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فيه قولان: أحدهما: أنه مع وجود السفر , يلزمه القضاء سواء صام في سفره أو أفطر , وهذا قول داود الظاهري. والثاني: أن في الكلام محذوفاً وتقديره: فأفطر فعدة من أيام أخر , ولو صام في مرضه وسفره لم يعد , لكون الفطر بهما رُخْصَة لا حتماً , وهذا قول الشافعي , ومالك , وأبي حنيفة , وجمهور الفقهاء. ثم قال تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهٌ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} هكذا قرأ أكثر القراء , وقرأ ابن عباس , ومجاهد: {وَعَلَى الَّذِينَ لَا يَطِيقُونَهُ فدية} , وتأويلها: وعلى الذين يكلفونه , فلا يقدرون على صيامه لعجزهم عنه , كالشيخ والشيخة والحامل والمرضع , فدية طعام مسكين , ولا قضاء عليهم لعجزهم عنه. وعلى القراءة المشهورة فيها تأويلان: أحدهما: أنها وردت في أول الإسلام , خيّر الله تعالى بها المطيقين للصيام من الناس كلهم بين أن يصوموا ولا يكفروا , وبين أن يفطروا ويكفروا كل يوم بإطعام مسكين , ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} , وقيل بل نسخ بقوله: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيرٌ لَّكُم} , وهذا قول ابن عمر , وعكرمة , والشعبي , والزهري , وعلقمة , والضحاك.