قوله تعالى: {عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ} سبب هذه الخيانة التي كان القوم يختانون أنفسهم , شيئان: أحدهما: إتيان النساء. الثاني: الأكل والشرب , وذلك أن الله تعالى أباح في أول الإسلام الأكل والشرب والجماع في ليل الصيام قبل نوم الإنسان , وحرّمه عليه بعد نومه , حتى جاء عمر بن الخطاب ذات ليلة من شهر رمضان , يريد امرأته , فقالت له: إني قد نمتُ , وظن أنها تعتل عليه , فوقع بها , وجاء أبو قيس ابن صرمة , وكان يعمل في أرض له , فأراد الأكل , فقالت له امرأته: نسخّر لك شيئاً , فغلبته عيناه , ثم أحضرت إليه الطعام , فلم يأكل منه فلما أصبح لاقى جهداً. وأخبر عمر وأبو قيس رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان منهما , فأنزل الله تعالى: {عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ}. {فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ} فيه تأويلان: أحدهما: العفو عن ذنوبهم. والثاني: العفو عن تحريم ذلك بعد النوم. ثم قال تعالى: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ} يريد به الجماع , لأن أصل المباشرة من إلصاق البشرة بالبشرة , وكان ذلك منه بياناً لما كان في جماع عمر. وفي قوله تعالى: {وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ} ثلاثة أقوال: أحدها: طلب الولد , وهو قول مجاهد , وعكرمة , والسدي. والثاني: ليلة القدْر , وهو قول ابن عباس , وكان يقرأ {وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ}. والثالث: ما أحل الله تعالى لكم ورخص فيه , وهذا قول قتادة. ثم قال تعالى فيما كان من شأن أبي قيس بن صرمة: {وَكُلُواْ واشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ