لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} اختلف في المراد بالخيط الأبيض والخيط الأسود , على ثلاثة أقاويل: أحدها: ما رواه سهل بن سعد قال: لما نزلت {فَكُلُواْ واشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} , فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود , فلا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما , فأنزل الله تعالى بعدُ {مِنَ الْفَجْرْ} , فعلموا أنه إنما يعني الليل والنهار. والقول الثاني: أنه يريد بالخيط الأبيض ضوء النهار , وهو الفجر الثاني , وبالخيط الأسود سواد الليل قبل الفجر الثاني. وروى الشعبي عن عدي بن حاتم: أنه عند إلى خيطين أبيض وأسود , وجعلهما تحت وسادته , فكان يراعيهما في صومه , ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إنَّكَ لَعَرِيضُ الْوِسَادِةِ , إِنَّمَا هُوَ بَيَاضُ النَّهَارِ وَسَوَادُ اللَّيلِ). وسُمِّيَ خيطاً , لأن أول ما يبدو من البياض ممتد كالخيط , قال الشاعر:
(الخيط الأبيض ضوء الصبح منفلق ... والخيط الأسْودُ لون الليل مكتومُ)
والخيط في كلامهم عبارة عن اللون. والثالث: ما حكي عن حذيفة بن اليمان أن الخيط الأبيض ضوء الشمس , ورويَ نحوُهُ عن عليّ وابن مسعود. وقد روى زَرٌ بن حبيش عن حذيفة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتسحر وأنا أرى مواقع النبل , قال: قلت بعد الصبح؟ قال: هو الصبح إلا أنه لم تطلع الشمس , وهذا قول قد انعقد الإجماع على خلافه , وقد روى سوادة بن حنظلة عن سَمُرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَمْنَعَنَّكُم مِنْ سُحُورِكُم أذانُ بِلالٍ وَلَا الفَجْرُ المُسْتَطِيلُ وَلَكِن الفَجْرُ المُسْتَطِيرُ فِي الأُفُقِ). وروى الحارث بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان