فأضيف الحب إلى المفعول، كما تقول: اشتريت طعامي كاشتراء طعامك.
قال ابن عباس (١) وابنُ مسعود (٢): هو أن تؤتيه وأنت صحيح شحيح. وهذا التفسير يقوي رجوع الكناية إلى المال.
وقال ابن الأنباري: يجوز أن تكون الهاء عائدة على {مَنْ} في
قوله: {مَنْ آمَنَ} فيكون المصدر مضافًا إلى الفاعل، وتُرِكَ ذكرُ المفعول معه، لانكشاف المعنى.
قال: ويجوزُ أن يعودَ إلى الإيتاء، أي: على حُب الإيتاء، (وآتى) يدل على الإيتاء؛ لأن الفعل يدل على المصدر، كقوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا} آل عمران: ١٨٠، أي: البخل، كنى عنه؛ لأن (يبخلون) يدل عليه، ومثله قولُ القَطَامي:
هُمُ الملوكُ وأبناءُ المُلوكِ هُمُ ... والآخذون به والسَّاسَةُ الأُوَلُ (٣)
أراد: والآخذون بالملك، ودلَّ (الملوكُ) عليه، فكنى عنه، وأنشد الفراء (٤):
(١) عزاه إليه في "التفسير الكبير" ٥/ ٣٩.
(٢) رواه عنه ابن المبارك في "الزهد" ص ٨، وعبد الرزاق في "المصنف" ٩/ ٥٥، وسعيد بن منصور ٢/ ٦٤٨، والطبري في "تفسيره" ٢/ ٩٥، وابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٢٨٨، وبمعنى هذا: حديث أبي هريرة مرفوعًا، رواه البخاري (١٤١٩) كتاب الزكاة، باب: أي الصدقة أفضل، ومسلم (١٠٣٢) كتاب الزكاة، باب: بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح.
(٣) البيت من البسيط، وهو بهذه الصيغة للنابغة في "ديوانه" ص ٧٥، "لسان العرب" ١/ ١١٩مادة (ألا).
(٤) "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٠٤ - ١٠٥.