وقوله تعالى: {وَعَمَّاتُكُمْ}. هي جمع العمَّة، وكل ذَكَرٍ رجع نسبُك إليه فأخته عمّتك، وقد تكون العمة من جهة الأم، وهي أخت أبي أمك.
وقوله تعالى: {وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ}. مضى الكلام في الأخ والأخت عند قوله: {.يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ} البقرة: ٤٩. والتحديد في بنات الأخ وبنات الأخت كالتحديد في بنت الصلب، وهؤلاء محرمات بالأنساب والأرحام.
قال المفسرون وأهل العلم: كل امرأة حرّم الله نِكاحها للنسب والرحم فتحريمها مُبهم، والمُبهمة لا تحلّ بوجهٍ من الوجوه. والتي كانت تحلّ ثُمّ حُرمت بسبب حَدَث، وهن اللواتي ذكرن في باقي الآية، فليست مُبهمة (١).
وقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}. هؤلاء سمين أمهات للحُرمة، كأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - سماهن الله تعالى أمهات المؤمنين في قوله: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} الأحزاب: ٦.
وكل أنثى انتسبتَ باللبن إليها فهي أمك، فالتي أرضَعَتْكَ أو رجلًا (٢) أُرضِعت بِلبانه من زوجته أو أمّ ولده فهي أمك، وكذلك كل امرأة ولدت امرأة أرضعتك أو رجلًا أرضعك فهي أمك.
وإنما يحرم الرضاع بشرطين: أحدهما: أن يكون خمس رضعات (٣).
(١) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٣٣، "معاني النحاس" ٢/ ٥٢، ولعل الإبهام هنا بمعنى: التأبيد، فالمُبهمة المحرمة على الأبد، وعكسها غير المبهمة.
(٢) أي: أو أرضعت رجلًا.
(٣) هذا مذهب الشافعي -رحمه الله- وأصحابه، والصحيح في مذهب أحمد؛ يدل عليه ما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان فيما أنُزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن. ثم نُسخن بخمس معلومات، فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهن فيما يقرأ من القرآن. أخرجه مسلم (١٤٥٢) كتاب الرضاع، باب: التحريم بخمس =