أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا} طه: ١٣٤، فبين أنهم كانوا يحتجون بعدم الرسول لو لم يبعث إليهم (١).
وقوله تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} أي عزيزًا في اقتداره على إنجاز موعوده على ألسنة رسله، حكيمًا في إرساله وجميع تدبيره.
١٦٦ - قوله تعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ} الآية.
قال ابن عباس وغيره من المفسرين: إن رؤساء مكة قالوا: يا محمد سألنا اليهود عنك وعن صفتك، فزعموا أنهم لا يعرفونك في كتابهم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لليهود: "إني والله أعلم أنكم لتعلمون أني رسول الله"، فقالوا: ما نعلم ذلك. فأنزل الله هذه الآية (٢).
قال أهل المعاني: "لكن" لا يبتدأ به، لأنه لاستدراك ما سبق ومضى، وإنما يجيء بعد نفي لشيء فيثبت ذلك الشيء به، وهذه الآية من باب الحذف والاختصار، وذلك أن اليهود لما جحدوا نبوته وأنكروا ما أنزل الله عليه قالوا: ما نشهد لك بهذا، فمن يشهد لك به؟ فترك ذكر قولهم، وأنزل: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ} (٣).
قال الزجاج: ومعنى {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَد} أنَ الشاهد هو المبين لما يشهد به، فالله عز وجل يبين ما أنزل إليه، ويعلم مع إبانته أنه حق (٤).
(١) انظر: الطبري ٣٠٦.
(٢) انظر: الطبري ٦/ ٣١، و"الكشف والبيان" ٤/ ١٤٥ أ، وابن كثير ١/ ٦٥١.
(٣) أخرجه الطبري ٦/ ٣١، وذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" ٤/ ١٤٥ ب، والمؤلف في "أسباب النزول" ص ١٨٩، وابن كثير ١/ ٦٥١ - ٦٥٢، والسيوطي في "الدر المنثور" ٢/ ٤٣٩، وعزاه إضافة إلى الطبري إلى كل من ابن إسحاق وابن المنذر والبيهقي.
(٤) "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٣١، وانظر: "بحر العلوم" ١/ ٤٠٦، و"الكشاف" ١/ ٣١٤، و"رصف المباني" ص ٣٤٧، و"الدر المصون" ٤/ ١٦٢.