جَنِيًّا {٢٥} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا {٢٦} } مريم: ٢٤-٢٦ {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} مريم: ٢٤ وكان أسفل منها تحت الأكمة، ألا تحزني وهذا قول السدي، وقتادة، والضحاك: أن المنادي جبريل، ناداها من سفح الوادي.
ومن قرأ فناداها مَنْ تَحْتَهَا قال: هو عيسى، وهو قول مجاهد، والحسن بَيَّنَ اللهُ لها الآية فِي عيسى، فكلمها ليزول ما عندها من الوحشة والجزع، {أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ} مريم: ٢٤ أي: تحت قدميك، سريا وهو النهر، وكان نهرا قد انقطع الماء عنه، فأرسل الله الماء فِيهِ لمريم.
وأحيا ذلك الجذع حتى أورق، وهو قوله: {وَهُزِّي إِلَيْكِ} مريم: ٢٥ الهز التحريك، يقال: هزه فاهتز.
والمعنى: اجذبي إليك، {بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} مريم: ٢٥ والباء فِيهِ زائدة، قال الفراء: العرب تقول: هزه وهز به.
ومنه قوله: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ} الحج: ١٥ معناه: فليمدد سببا، وقوله: تساقط عليك أي: تتساقط، فأدغمت التاء فِي السين، ومعناه: تسقط عليك النخلة، {رُطَبًا جَنِيًّا} مريم: ٢٥ ، وقرا حمزة تساقط مخففا، حذف التاء التي أدغمها غيره، وروى حفص، عن عاصم {تُسَاقِطْ} مريم: ٢٥ على وزن تفاعل، وساقط بمعنى أسقط، والمساقطة والتساقط على ما ذكرنا بمعنى الإسقاط، والرطب: النضيج من البسر، والجني: بمعنى المجني، يقال: جنيت الثمرة واجتنيتها.
قوله: {فَكُلِي} مريم: ٢٦ أي: من الرطب، {وَاشْرَبِي} مريم: ٢٦ من السري، {وَقَرِّي عَيْنًا} مريم: ٢٦ بولدك عيسى، يقال: قررت به عينا أقر قرة، بعضهم يقول: قررت أقر، وجاء فِي التفسير: طيبي نفسا.
{فَإِمَّا تَرَيِنَّ} مريم: ٢٦ أصله إما ترى، ثم دخله نون التوكيد، فكسر الياء لالتقاء الساكنين، كما تقول للمرأة: أخشين زيدا.
والمعنى: فإما ترين، {مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} مريم: ٢٦ فسألك عن ولدك، {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا} مريم: ٢٦ قال ابن عباس: صمتا.
والمعنى: أوجبت على نفسي لله أن لا أتكلم.
قال قتادة: صامت من الكلام والطعام.
وقال السدي، وابن زيد: كان فِي بني إسرائيل من أراد أن يجتهد، صام عن الكلام كما يصوم عن الطعام، فلا يتكلم الصائم حتى يمسي.