كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ {٩} ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ {١٠} } الروم: ٨-١٠ {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ} الروم: ٨ في خلق الله إياهم، ولم يكونوا شيئا، فيعلموا {مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ} الروم: ٨ قال الفراء: إلا للخلق، يعني الثواب والعقاب.
وأجل مسمى قال مقاتل: للسموات والأرض أجل تنتهيان إليه، وهو يوم القيامة.
والمعنى: أو لم يتفكروا في خلق الله إياهم ولم يكونوا شيئا، فيعلموا أن خلق السموات والأرض لأمر، وأن لهما أجلا وهو يوم القيامة.
{وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} الروم: ٨ يعني: كفار مكة، بلقاء ربهم بالبعث بعد الموت، لكافرون لا يؤمنون بأنه كائن.
ثم خوفهم، فقال: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} الروم: ٩ أولم يسافروا في الأرض فينظروا إلى مصارع الأمم قبلهم، ويعلموا أنهم أهلكوا بتكذيبهم فيعتبروا.
ثم وصف تلك الأمم، فقال: {كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} الروم: ٩ أعطوا من القوة ما لم يعطها هؤلاء، وأثاروا الأرض حرثوها وقلبوها للزراعة والغرس، وعمروها أي: كفار مكة، لأنهم كانوا أطول عمرا، وأكثر عددا، {وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} الروم: ٩ بالدلالات والحجج، وأخبروهم بأمر العذاب، {فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ} الروم: ٩ بتعذيبهم على غير ذنب، {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} الروم: ٩ بالكفر والتكذيب، ودل هذا على أنهم لم يؤمنوا فأهلكهم الله.
ثم أخبر عن عاقبتهم، فقال: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى} الروم: ١٠ في السوأى قولان: أحدهما أنها النار ضد الحسنى وهي الجنة، وهذا قول الفراء، والزجاج، والأكثرين.
قال ابن قتيبة: السوأى جهنم ضد الحسنى وهي الجنة.
وإنما سميت سوءى لأنها يسوء صاحبها، ومعنى أساءوا أشركوا، قاله ابن عباس، ومقاتل.
وفي عاقبة الذين قراءتان: النصب والرفع، فمن نصب جعلها خبر كان ونصبها متقدمة، كما قال: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} الروم: ٤٧ وتقدير الكلام ثم وكان السوء عاقبة الذين أساءوا، ويكون أن في قوله: أن كذبوا مفعولا له، أي لأن كذبوا.
قال الزجاج: المعنى: ثم كان عاقبة الكافرين النار لتكذيبهم بآيات الله واستهزائهم.
القول الثاني في السوأى: أنها مصدر بمنزلة الإساءة، ويكون المعنى: ثم كان التكذيب آخر أمرهم، أي ماتوا على ذلك، فكأن الله تعالى جازاهم على إساءتهم أن طبع على قلوبهم حتى ماتوا على التكذيب والشرك عقابا لهم بذنوبهم.
أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله الأصفهاني، أنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ، نا محمد بن يحيى، نا أحمد بن منصور المروزي، نا