محمد بن عبد الله بن بكير، سمعت ابن عيينة يقول في قوله تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ} الروم: ١٠ إن لهذه الذنوب عواقب سوء، لا يزال الرجل يذنب فينكت على قلبه حتى يسوء القلب كله، فيصير كافرا.
{اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {١١} وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ {١٢} وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ {١٣} وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ {١٤} فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ {١٥} وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ {١٦} } الروم: ١١-١٦ قوله: {اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ} الروم: ١١ أن يخلقها أولا، ثم يعيده ثم يعيدهم بعد الموت أحياء كما كانوا {ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} الروم: ١١ فيجزيهم بأعمالهم، والخلق هم المخلوقون في المعنى، وجاء قوله: ثم يعيده على لفظ الخلق، وقوله: يرجعون على المعنى، ووجه قراءة من قرأ بالتاء أنه صار من الغيبة إلى الخطاب.
قوله: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ} الروم: ١٢ قال الكلبي: ييأس المشركون من كل خير حين عاينوا العذاب.
وقال الفراء: ينقطع كلامهم وحجتهم.
وذكرنا تفسير الإبلاس عند قوله: {فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} الأنعام: ٤٤ .
{وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ} الروم: ١٣ أوثانهم التي عبدوها ليشفعوا لهم، {شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ} الروم: ١٣ يتبرءون منها وتتبرأ منهم.
{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ} الروم: ١٤ تظهر القيامة، {يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ} الروم: ١٤ قال مقاتل: يتفرقون بعد الحساب إلى الجنة والنار، فلا يجتمعون أبدا.
وقال الحسن: لئن كانوا اجتمعوا في الدنيا ليتفرقن يوم القيامة، هؤلاء في أعلى عليين، وهؤلاء في أسفل سافلين.
وهو قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} الروم: ١٥ ينعمون ويسرون، والحبرة والحبر: السرور، قال ابن عباس، والمفسرون: في رياض الجنة ينعمون.
ثم أخبر عن حال الكافرين بقوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ} الروم: ١٦ وهي ظاهرة.
ثم ذكر ما يدرك به الجنة، فقال: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ {١٧} وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ {١٨} يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ {١٩} } الروم: ١٧-١٩ {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} الروم: ١٧ قال المفسرون: فصلوا لله، على تأويل فسبحوا لله.
قال ابن عباس: جمعت هذه الآية الصلوات الخمس ومواقيتها، حين تمسون المغرب والعشاء، وحين تصبحون الفجر، وعشيا العصر،