{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ {١٥} آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ} الذاريات: ١٥-١٦ ما أعطاهم ربهم من الخير والكرامة، {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ} الذاريات: ١٦ يعني: في الدنيا، محسنين في أعمالهم.
ثم ذكر إحسانهم، فقال: {كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} الذاريات: ١٧ الهجوع: النوم بالليل دون النهار، وما صلة، والمعنى: كانوا يهجعون قليلًا من الليل، يصلون أكثر الليل، قال عطاء: وذلك حين أمروا بقيام الليل، ثم نزلت الرخصة.
ويجوز أن يكون المعنى: كان الليل الذي ينامون فيه كله قليلًا، ويكون الليل اسمًا للجنس، وهذا معنى قول سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كانوا قل ليلة تمر بهم إلا صلوا فيها.
وقال مطرف بن الشخير: قل ليلة أتت عليهم هجعوها كلها.
وقال مجاهد: كانوا لا ينامون كل الليل.
واختار قوم الوقف على قوله: قليلًا على معنى: كانوا من الناس قليلًا، وهو قول الضحاك، ومقاتل، ثم ابتدأ فقال: {مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} الذاريات: ١٧ وهذا على نفي النوم عنهم البتة، قال عطاء: المراد بهؤلاء القليل: يمانون من نصارى نجران، والشام آمنوا بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصدقوه.
{وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} الذاريات: ١٨ قال الحسن: مدوا الصلاة إلى الأسحار، ثم أخذوا في الأسحار بالاستغفار.
وقال الكلبي، ومقاتل، ومجاهد: وبالأسحار هم يصلون، وذلك أن صلاتهم بالأسحار طلب منهم للمغفرة.
ثم ذكر صدقاتهم، فقال: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} الذاريات: ١٩ وهو الذي ليس له في الغنيمة سهم، ولا يجري عليه من الفيء شيء، ومعناه في اللغة: الذي منع الخير والعطاء، وقال قتادة، والزهري: هو المتعفف الذي لا يسأل.
وقد ذكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يقطن بحاجته فيتصدق عليه.
قوله: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ} الذاريات: ٢٠ يعني: ما فيها من الجبال، والبحار، والأشجار، والأنهار، والثمار، والنبت عامًا بعام، ففيها آيات للموقنين