ثم ذكر جزاء المستغفرين من الذنب فقال: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ} آل عمران: ١٣٦ إلى قوله: {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} آل عمران: ١٣٦ أي: نعم أجر العاملين المغفرة.
{قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ {١٣٧} هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ {١٣٨} وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ {١٣٩} إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {١٤٠} وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ {١٤١} } آل عمران: ١٣٧-١٤١ قوله: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ} آل عمران: ١٣٧ السنن: جمع السنة، وهي المثال المتبع والإمام المؤتم به، وسنة الله: أمره ونهيه، وسنة النبي عليه السلام: طريقته.
يقول الله تعالى: قد مضت مني فيمن كان قبلكم من الأمم الماضية المكذبة الكافرة سنن بإمهالي واستدراجي إياهم، حتى يبلغ الكتاب فيهم أجلي الذي أجلته في إهلاكهم، وبقيت لهم آثار في الدنيا، فيها أعظم الاعتبار.
{فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ} آل عمران: ١٣٧ آخر أمر، المكذبين منهم.
وقوله: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} آل عمران: ١٣٨ يعني: القرآن بيان من العمى، وهدى من الضلال، وموعظة من الجهل، للمتقين يعني هذه الأمة.
قوله: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا} آل عمران: ١٣٩ هذه الآية تسلية للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وللمسلمين من الله تعالى، لما نالهم يوم أحد من القتل والجرح.
ومعنى ولا تهنوا: لا تضعفوا، يقال: وهن يهن وهنا فهو واهن، إذا ضعف في العمل.
قال المفسرون: لا تهنوا عن جهاد عدوكم، ولا تحزنوا على ما فاتكم من الغنيمة، فإنكم أنتم الأعلون، أي: لكم تكون العافية بالنصر والظفر.
قوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} آل عمران: ١٣٩ يعني: إن الإيمان يوجب ما ذكر من ترك الوهن والحزن، أي: من كان مؤمنا يجب أن لا يهن ولا يحزن لثقته بالله عز وجل.
وقوله: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ} آل عمران: ١٤٠ أي: يصيبكم، يقال: مسه أمر كذا، ومسته الحاجة، إذا أصابته.