سواء في الكفر، {فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ} النساء: ٨٩ أي: لا توالوهم فإنهم أعداء لكم {حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} النساء: ٨٩ حتى يرجعوا إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودار الهجرة ثانيا.
فإن تولوا: أعرضوا عن الهجرة وقبول حكم الإسلام، فخذوهم بالأسر، {وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} النساء: ٨٩ قال ابن عباس: ولا تستنصروا بهم على عدوكم.
قوله عز وجل: {إِلا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ} النساء: ٩٠ الآية، هذا الاستثناء راجع إلى القتل لا إلى الموالاة، لأن موالاة المشركين والمنافقين حرام بكل حال.
ومعنى {يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ} النساء: ٩٠ يتصلون بهم، ويدخلون فيما بينهم بالحلف والجوار، قال ابن عباس: يريد: يلجأون إلى قوم {بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} النساء: ٩٠ وهم: بنو مدلج في قول الحسن، وقال الضحاك: بنو بكر بن زيد مناة، وقال مقاتل: هم خزاعة وجذيمة بن عبد مناف.
وقوله: {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} النساء: ٩٠ معنى حصرت: ضاقت، وكل من ضاق صدره بأمر فقد حصر، وهؤلاء الذين وصفوا بضيق الصدر عن القتال هم بنو مدلج، كان بينهم وبين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهد أن لا يقاتلوه، فنهى الله تعالى عن قتال هؤلاء المرتدين إن اتصلوا بأهل عهد المسلمين، إما بحلف أو بجوار، لأن من انضم إلى قوم ذوي عهد مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلهم حكمهم في حقن الدم والمال.
وقوله: {أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ} النساء: ٩٠ كان بنو مدلج قد عاهدوا أن لا يقاتلوا المسلمين، وعاهدوا قريشا أن لا يقاتلوهم أيضا، فهو قوله: {أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ} النساء: ٩٠ يعني: قريشا.
ثم من الله تعالى على المسلمين بكف بأس المعاهدين فقال: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ} النساء: ٩٠ يعني: إن ضيق صدورهم عن قتالكم إنما هو لقذف الله الرعب في قلوبهم.