وقوله: من دون الله: أي: من غير الله، يقال: ما دون الله مخلوق.
يريد: وادعوا من اتخذتموهم معاونين من غير الله.
إن كنتم صادقين فِي أن هذا الكتاب تقوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من نفسه.
وقوله: فإن لم تفعلوا إن: حرف الشرط والجزاء، كقولك: إن تضرب أضرب، ولم: حرف يجزم الفعل المضارع ويقع ما بعدها بمعنى الماضي، كما يقع الماضي بعد حروف الجزاء بمعنى الاستقبال.
وقوله: ولن تفعلوا: لن: حرف قائم بنفسه وضع لنفي الفعل المستقبل ونصبه للفعل كنصب إن.
ومعنى ال:: فإن لم تفعلوا معارضته بمثل القرآن فيما مضى من الزمان، ولن تفعلوا أيضا فيما يستقبل، فاتقوا النار أي: فاحذروا أن تصلوا النار بتكذيبكم.
وإنما قيل لهم هذا بعد أن ثبتت عليهم الحجة فِي التوحيد وصدق محمد عليه السلام بالآيات السابقة.
ثم وصف النار فقال: الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} البقرة: ٢٤ قال ابن السكيت: الوقود بالضم: المصدر، يقال: وقدت النار وقدا ووقودا.
والوقود بالفتح: اسم لما توقد به النار، يقال: ما أجود هذا الوقود للحطب.
والحجارة: جمع حجر، وليس بقياس، ولكنهم قالوه كما قالوا: جمل وجمالة، وذكر وذكارة.
والقياس: أحجار.
وجاء فِي التفسير عن ابن عباس وغيره: أن الحجارة ههنا: حجارة الكبريت، وهي أشد لإيقاد النار.
وقيل: ذكر الحجارة دليل على عظم تلك النار، لأنها لا تأكل الحجارة إلا إذا كانت فظيعة.
أعدت خلقت وهيئت، للكافرين لأنهم يخلدون فِيها.
ولما ذكر جزاء الكافرين بتكذيبهم ذكر جزاء المؤمنين بتصديقهم، فقال: وبشر الذين آمنوا التبشير: إيراد الخبر السار الذي يظهر أثر السرور فِي بشرة المخبر، هذا هو الأصل، ثم كثر استعماله حتى صار بمنزلة الإخبار فاستعمل فِي نقيضه، كقوله: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} آل عمران: ٢١ ، إلا أنه فيما يسر أكثر استعمالا.
وقوله: وعملوا الصالحات: قال ابن عباس: وعملوا الطاعات فيما بينهم وبين ربهم.